وقد اجتمع في أسرة ابن عزرا بغرناطة ما كان للثقافة اليهودية في أسبانيا الإسلامية من ثراء متعدد المناحي. وكان يعقوب ابن عزرا يشغل منصباً رفيعاً تحت رياسة شمويل بن نجدلا في بلاط الملك. وكان بيته ندوة للآداب والفلسفة ونبغ ثلاثة من أولاده الأربعة الذين نشئوا في هذا الجو العلمي، فكان اسحق شاعراً، وعالماً طبيعياً، ومتبحراً في التلمود، وكان موسى ابن عزرا (١٠٧٠ - ١١٣٩) عالماً وفيلسوفاً، وكان أعظم شعراء اليهود قبل هلوي. وقد انتهت سعادة شبابه حين أحب بنت أخ له حسناء زوَّجها أبوها اسحق أخوه الأكبر بأخيه الأصغر أبراهام. فما كان من موسى إلا أن هاجر من غرناطة، وهام على وجهه في بلاد نائية يغذي بالشعر عواطفه المكبوتة البائسة:"ألا فعيشي، وإن كانت شفتاك يسيل منهما الشهد ليمتصه غيري، وتنفسي بالند يستنشقه سواي. وسأظل وفياً لك حتى تستعيد الأرض الباردة وديعتها، وإن لم تكوني أنت وفية لي. إن قلبي ليطرب لغناء العندليب، وإن كان المغنى يعلو على وينأى عني"(٩). ووجَّه قيثارته آخر الأمر، كما وجهها ابن جبيرول. إلى الأغاني الدينية، وأخذ ينشد مزامير من الاستسلام الصوفي.
وكان أبراهام بن مإير بن عزرا-الذي يعده بروننج Browning