المعبر عن فلسفة العصر الفكتوري-يمت بصلة القرابة البعيدة لموسى بن عزرا، ولكنه كان من أصدقائه المقربين. وقد ولد في طليطلة عام ١٠٩٣، وعرف في شبابه الفقر والجوع، ولكنه كان شديد التعطش إلى العلم في كل ميادينه. وأخذ هو أيضاً يتنقل من مدينة إلى مدينة، ومن مهنة إلى مهنة، ولازمه سوء الحظ في كل مهنة وفي كل مدينة، وقال في هذا بسخرية اليهودي المريرة:"لو اتجرت في الشمع لما غربت الشمس، ولو بعت أكفان الموتى لعاش الناس إلى أبد الدهر". وسافر إلى إيران مجتازاً مصر والعراق، ولعله قد ذهب أيضاً إلى بلاد الهند، ثم عاد إلى إيطاليا، ومنها إلى فرنسا، وإنجلترا. وبينما كان عائداً إلى أسبانيا في الخامسة والسبعين من عمره إذا وافته منيته، وكان لا يزال فقيراً ولكنه ذو شهرة واسعة بين اليهود أجمعين لبلاغة شعر ونثره. وكانت مؤلفاته لا تقل تنوعاً عن البلاد التي طاف بها-ألف في العلوم الرياضية، والفلكية، وفي الفلسفة، والدين؛ وكانت قصائده تختلف من الحب إلى الصداقة، ومن مناجاة الله إلى مناجاة الطبيعة، والفصول، ومن الحديث عن الشطرنج إلى التغني بجمال النجوم. وقد صاغ في صور شعرية أفكاراً لم يكن يخلو منها مكان ما في عصر الإيمان، واستبق نيومن Newman بهذه الترنيمة العبرية:
يا إله الأرض والسماء، منك الروح والجسد!
لقد وهبت الإنسان بعظيم حكمتك ما في الإنسان من ضياء قدسي …
إن أيامي بين يديك، وأنت تعرف الخير لي
وتهبني بقوتك خير عن لي حيث أخشى الوقوف
وسترك يحجب عن العيون آثامي ورحمتك رعي الواقي
ولست تريد جزاء على نعمك وأفضالك (١٠)
وخير ما يشتهر به عند معاصريه هو تعليقه على كل كتاب من كتب العهد