الأخلاقي. وكان ابن ميمون وطنياً شديد الحب لوطنه لا يقبل في عقيدته جدلاً "يجب على جمع بني إسرائيل أن يتبعوا كل ما ورد في التلمود البابلي، وعلينا أن نرغم اليهود في جميع أنحاء الأرض على أن يستمسكوا بالعادات والأساليب التي قررها حكماء التلمود"(٤٩). وكان أكثر حرية إلى حد ما من معظم المسلمين والمسيحيين في أيامه، فكان يعتقد أن غير اليهودي المتمسك بأهداب الفضيلة، المؤمن بوحدانية الله، يدخل الجنة، ولكنه لم يكن يقل قسوة على كفرة اليهود من سفر التثنية أو التركمادا، ويقول إن اليهود الذين ينبذون الشريعة اليهودية يجب أن يقتلوا، و "من رأيي أن جميع أفراد العشيرة اليهودية التي بلغت من القحة والجرأة ما جعلها تخالف أمراً من أوامر الله يجب أن يعدموا"(٥٠). وقد استبق أكويناس في الدفاع عن القتل جزاء للإلحاد بحجة "أن القسوة على من يضلون الناس سعياً وراء الزهو والخيلاء إنما هي رحمة بالعالم"(٥١)، وارتضى دون عناء عقوبة الإعدام التي يفرضها الكتاب المقدس جزاء للسحر، والقتل، ومضاجعة المحارم، وعبادة الأوثان، والسرقة بالإكراه، وخطف الأشخاص، وعصيان الأبناء للآباء، وخرق حرمة السبت (٥٢). ولعل أحوال اليهود حين هاجروا من مصر القديمة، وحاولوا أن يؤسسوا لهم دولة من جماعة معدمة لا وطن لها، تقول لعل أحوال هؤلاء اليهود كانت تبرر وضع هذه القوانين. ولقد كانت حالة اليهود المزعزعة المضطربة في أوربا المسيحية أو أفريقية المسلمة كانت تتطلب قانوناً صارماً يخلق فيهم النظام والوحدة، ولكن الآراء المسيحية، والعادات اليهودية أيضاً في أغلب الأحيان، كانت أرحم من القوانين اليهودية في هذه الأمور (قبل أيام محكمة التفتيش).
وإن في نصيحة ابن ميمون التي يسديها إلى يهود زمانه لجانباً من هذه الروح أفضل من الجانب الصارم السالف الذكر: "إذا قال للكفرة لبني إسرائيل: