يموت، ويحذر ألا يخدعه أحد بأنه المسيح، ولكنه لن يفقد إيمانه بأن المسيح الحق سيأتي ويعيد إسرائيل إلى صهيون، ويقود العالم كله إلى الدين الحق، وإلى الوفرة، والأخوة، والسلام:"تفنى جميع الأمم أما اليهود فباقون غلى أبد الدهر"(٥٩).
وغضب أحبار اليهود من مشنا التوراة، فقلما كان في وسع أحد منهم أن يعفو عما يرمي إلى من إحلال كتابه محل التلمود مع ما في هذا من جرأة، وقد استاء كثيرون من اليهود مما عزى إلى ابن ميمون من القول بأن من يدرس الشريعة أعلى مقاماً ممن يعمل بها. ولكن الكتاب رغم هذا كله قد جعل صاحبه أعظم اليهود جميعاً في عصره، فارتضاه جميع يهود المشرق مستشاراً لهم وبعثوا إليه بمسائلهم ومشاكلهم، وخيل الناس في جيل من الزمان أو الجاؤنية قد عادت إلى الوجود. ولكن ابن ميمون لم ينتظر حتى يستمتع بهذا الصيت، بل شرع من فوره يؤلف كتابه التالي، فبعد أن قنن الشريعة ووضوحها لليهود المؤمنين، وجه جهوده للعمل على أن يعيد إلى حظيرة الدين اليهودي من أغرتهم الفلسفة أو أغوتهم جماعات الملاحدة من اليهود القرائين في مصر، وفلسطين، وشمال أفريقية، وأصدر إلى العالم اليهودي بعد عشر سنين من الكد أشهر كتبه كلها وهو: دلالة الحائرين (١١٩٠)، وقد كتبه باللغة العربية بحروف عبرية ثم ترجم إلى اللغة العبرية وسمى: مودة نبو حيم، ثم ترجم كذلك إلى اللاتينية وأثار عاصفة من أشد العواصف الذهنية في القرن الثالث عشر.
ويقول في مقدمة الكتاب إن غرضه الأول من وضعه أن يشرح بعض الألفاظ الواردة في الكتب المتنبئة، أي في العهد القديم. ذلك أن كثيراً من ألفاظ الكتاب المقدس وفقراته ذات معان متعددة، حرفية، ومجازية، ورمزية فمنها ما إذا أخذ بمعناه الحر في كان عقبة كؤوداً في سبيل المخلصين لدينهم،