للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به الناس إلا بقلوبهم (٥)، وأمر بأن يمحى ويدمر كل ما في الكنائس من صور وتماثيل. ونفذ قسطنطين هذا القرار بلا كياسة أو اعتدال، فسجن من قاومه من الرهبان أو ساط عليهم ألوان العذاب، فسلمت الأعين، واقتلعت الألسنة، وجدعت الأنوف مرة أخرى، وعذب البطريق وقطع رأسه (٧٦٧). وفعل قسطنطين الخامس ما فعله هنري الثامن فيما بعد، فأغلق أديرة الربان والراهبات، وصادر أموالها، وحول مبانيها إلى أغراض غير دينية، ووزع أرضها على محاسبيه. وجمع عامل الإمبراطورية في إفسوس، بموافقة الإمبراطور، رهبان الولاية وراهباتها، وأرغم الرهبان على أن يتزوجوا الراهبات وإلا قتلهم جميعاً (٦). وظل هذا الاضطهاد يجري في مجراه خمس سنين (٧٦٣ - ٧٧١).

وأرغم قسطنطين ابنه ليو الرابع (٧٧٥ - ٧٨٠) على أن يقسم بالجري على خطة تحطيم الصور والتماثيل السالفة الذكر. وفعل ليو ما مكنته من فعله بنيته الضعيفة؛ ولما حضرته الوفاة اختار ابنه قسطنطين السادس البالغ من العمر عشر سنين إمبراطوراً (٧٨٠ - ٧٩٧)، ورشح أرملته إيريني وصية على العرش حتى يبلغ ولده القاصر سن الرشد. وحكمت إيريني الإمبراطورية بمهارة وقوة مجردة من الضمير. وكانت تعطف على مشاعر الشعب الدينية وعلى بنات جنسها، فأنهت في هدوء عهد تنفيذ المرسوم الخاص بتحطيم الصور والأصنام، وسمحت للرهبان أن يعودوا إلى أديرتهم ومنابرهم، ودعت رجال الدين في العالم المسيحي إلى مجمع نيقية الثاني (٧٨٧)، حيث أعاد ٣٥٠ من الأساقفة، بزعامة مندوبي البابا، تعظيم الصور المقدسة-لا عبادتها-وقالوا إنها تعبير مشروع عن التقي والإيمان المسيحيين.

وبلغ قسطنطين السادس سن الرشد في عام ٧٩٠؛ ولما رأى أن أمه لا ترغب في أن تتخلى له سلطانها خلعها ونفاها من البلاد وسرعان ما ندم هذا الشاب ظريف على فعلته، فأعادها إلى بلاطه، وأشركها معه في حكم