وحكم قسطنطين التاسع بعد ذلك خمس سنين راعى فيها الحكمة وسلامة الذوق؛ فاختار لمعاونته رجالاً من ذوي الكفاية والثقافة، وأعاد تجميل كنيسة أيا صوفيا، وشاد المستشفيات والملاجئ للفقراء، وناصر الآداب والفنون. ولما مات (١٠٥٥) تزعم أنصار الأسرة المقدونية ثورة شعبية أخرجت العذراء ثيودورا من مأواها في الدير، وتوجتها على الرغم منها إمبراطورة. وحكمت مع وزرائها الدولة حكماً صالحاً حازماً على الرغم من أنها كانت وقتئذ في الرابعة والسبعين من عمرها؛ ولكنها ماتت في عام ١٠٦٥ ميتة مفاجئة، وضربت الفوضى على أثر موتها أطنابها في البلاد، فنادى الأشراف بميخائيل السادس إمبراطوراً، ولكن الجيش فضل عليه القائد اسحق كمنينوس، وكانت معركة واحدة كافية لحسم النزاع، فنرهب ميخائيل، ودخل كمنينوس العاصمة في عام ١٠٧٥ إمبراطوراً. وهكذا قضى على الأسرة المقدونية بعد حكم دام مائة وتسعين عاماً، كان قوامه العنف، والحرب، والزنى، والتقي، والإدارة الممتازة.
واعتزل اسحق كمنينوس الملك بعد عامين، ورشح له خلفاً له قسطنطين. دوكاس Constantine Ducas، وآوى هو إلى دير، ولما توفي قسطنطين (١٠٧٦) حكمت أرملته يودوسيا الدولة أربع سنين بوصفها إمبراطورة بالنيابة، ولكن مطالب الحرب كنت تحتاج إلى قائد أعظم منها قوة، وأشد حزماً، ولهذا تزوجت رومانوس الرابع وتوجته إمبراطوراً. وهزم الأتراك رومانوس عند ملازكرت (١٠٧١)، فعاد إلى القسطنطينية يجلله العار؛ ثم خلع، وسجن، وسملت عيناه، وترك ليموت من جروجه التي لم يعن بها أحد. ولما جلس على العرش كمنينوس الأول (١٠٨١) ابن أخي اسحق كمنينوس خيل إلى العالم أن الإمبراطورية البيزنطية موشكة على الانهيار، فقد استولى
الأتراك على بيت المقدس (١٠٧٦) وأخذوا يزحفون على آسية الصغرى، وكانت قبائل البتزيناك Patzinak والكومان Cuman تقترب من القسطنطينية إلى الشمال، والنورمان يهاجمون