أيامه من السعة، ولم يكن لها منذ عهد جستنيان مثل ما كان لها في عهده من القوة.
ودب الضعف مرة أخرى في جسم الإمبراطورية في عهد أخيه الشيخ قسطنطين الثامن (١٠٢٥ - ١٠٢٨). ولم يكن لقسطنطين هذا من الأبناء إلا ثلاث بنات، فأقنع رومانوس أرجيروس Romanus Arguros أن يتزوج زوي Zoe كبراهن، وكانت سنها وقتئذ قرب من الخمسين. وحكمت زوي بمساعدة أختها ثيودورا الدولة بوصفها نائبة عن الإمبراطور طوال عهد رومانوس الثالث (١٠٢٨ - ١٠٣٤)، وميخائيل الرابع (١٠٣٤ - ١٠٤٢)، وميخائيل الخامس (١٠٤٢)، وقسطنطين التاسع (١٠٤٢ - ١٠٥٥)؛ ولم تشهد الإمبراطورية قبل أيامها حكماً أصلح من حكمها. فقد شنت الأختان حرباً شعواء على الفساد في الدولة والكنيسة، وأرغمتا الموظفين على أن يردوا ما اغتصبوه من الأموال؛ ومن هؤلاء واحد كان رئيس وزراء رد إلى الدولة ٥٣٠٠ رطل من الذهب (٢. ٢٢٦. ٠٠ ريال أمريكي) كان قد خبأها في حوض ماء، ولما أن مات البطريق ألكسيس Alexis، وجد في حجراته مخبأ يحتوي مائة ألف رطل من الفضة (٢٧. ٠٠٠. ٠٠٠ ريال أمريكي)(٩). ووقف بيع المناصب الحكومية فترة قصيرة، وجلست الأختان زوي وثيودورا قاضيتين في أعلى محكمة في الدولة، ووزعتا العدالة الصارمة بالقسطاس المستقيم. ولم يكن أحد يضارع زوي في نزاهتها؛ من ذلك أنها تزوجت قسطنطين التاسع وهي في الثانية والستين من عمرها، وكانت تعرف أن براعتها في تزيين نفسها بالأصباغ لا تكاد تحتفظ لها إلا بالشيء القليل من جمالها الظاهري، سمحت لزوجها الجديد أن يأتي بعشيقته اسكلرينا لنعيش معه في القصر الإمبراوري. واختار الإمبراطور حجراته بين حجراتهما، ولم تكن زوي تزوره قط إلا بعد أن تتأكد أنه بمفرده (١٠). ولما مات زوي (١٠٥٠)، آوت ثيودورا إلى دير للراهبات،