بعد قتله على العرش وغضت النظر عن هذا الجرم، ولكن القتل ندم على فعلته، ونبذ خليلته، ونفاها من البلاد، وخرج هو ليكفر عن جرائمه بانتصارات وقتية غير حاسمة على المسلمين والصقالبة.
وكان الإمبراطور الذي خلفه على العرش من أقوى الشخصيات في تاريخ بيزنطية. وقد ولد باسيل الثاني لرومانوس وثيوفانو في عام ٩٥٨، وكان إمبراطورا بالاشتراك مع نقفور فوقاس وتزيميسيس، ثم بدأ (٩٧٦) وهو في الثامنة عشرة من عمره حكماً منفرداً دام خمسين عاماً. واكتنفته في بداية الحكم المتاعب من كل جانب: فأخذ كبير وزرائه يأتمر به ليغتصب عرشه، وأمد سادة الإقطاع الذين اعتزم أن يفرض عليهم الضرائب المتآمرين عليه بالمال، وخرج عليه بارداش اسكلروس Badas Sclerus قائد جيش الشرق، فأخمد بارداس فوقاس ثورته، ثم عمل هذا القائد المنتصر على أن يختاره جنوده إمبراطوراً، وكان المسلمون وقتئذ يستردون معظم ما استولى
عليه منهم تزيميسيس في بلاد الشام، وبلغت قوة البلغار أوجهاً، وأخذوا يعتدون على بلاد الإمبراطورية من الشرق والغرب. وقلم باسيل أظفار الفتنة، واسترد أرمينية من المسلمين، وحطم قوة البلغار بعد حرب طاحنة دامت ثلاثين عاماً. وبعد أن تم له النصر على البلغار في عام ١٠١٤ وسمل عيون ١٥. ٠٠٠ أسير، ولم يترك إلا عيناً واحدة لكل مائة واحد منهم ليقود هذه الجموع المنكودة في عودتها إلى صمويل قيصر البلغار، وأطلق عليه اليونان اسم قاتل البلغار (بلغاراكتونوس Bulgaroctonus) ولعل ذلك كان منهم رهبة له لا إعجاباً له. ووجد بين هذه الحروب وقتاً يشن فيه حرباً شعواء على "الذين أثروا على حساب الفقراء". فحاول بما سنه من القوانين
في عام ٩٩٦ أن يجزئ بعض الضياع الكبيرة ويشجع انتشار الفلاحين الأحرار. وكان يوشك أن يقود حملة بحرية على المسلمين في صقلية حين وافته المنية وجاءه وهو في الثامنة والستين من عمره. ولم تبلغ الإمبراطورية منذ أيام هرقل ما بلغته في