للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحروب وأصبح عبداً لأحد عظماء المسلمين، وسرعان ما دهش هذا العظيم من علم هذا الشاب بالهندسة. وعرف المأمون خبره فأغراه بالاشتراك في نقاش مسائل هندسية في قصره. وأعجب الخليفة بعلمه، واستمع بشغف عظيم إلى ما قاله عن معلمه، وأرسل من فوره يدعو ليو إلى بغداد وإلى الثراء والجاه. واستشار ليو في ذلك موظفاً بيزنطياً، ثم استشار هذا الموظف الإمبراطور، ثيوفيلس، فأسرع هذا إلى تعيين ليو أستاذاً. وكان ليو ملماً بكثير من العلوم فكان يؤلف في الرياضة والهيئة، والتنجيم، والطب، والفلسفة ويعلمها. وعرض عليه المأمون عدة مسائل في الهندسة والهيئة وسُرّ من إجابته عنها سروراً جعله يعرض على ثيوفيلس صلحاً أبدياً وألفى رطل من الذهب إذ أعاره ليو غلى أجل قصير. ورفض ثيوفيلس هذا العرض وعين ليو كبيراً لأساقفة سلانيك لكي يبعده عن متناول يد المأمون (٢٤).

وكان ليو، وفوتيوس Photius، وبسلوس Psellus كواكب ذلك العصر المنيرة. فأما فوتيوس (٨٢٠؟ -٨٩١) أعلم أهل زمانه فقد ارتقى في خلال ستة أيام من رجل عادي إلى بطريق، فكان بذلك من رجال التاريخ الديني، وأما ميخائيل بسلوس (١٠١٨؟ -١٠٨٠) فكان من رجال هذا العالم ومن حاشية الإمبراطور، مستشاراً للملوك والملكات، وكان فلتير عصره إلا أنه كان دمث الأخلاق مستمسكاً بالدين، وفي وسعه أن يبهر الناس في كل موضوع؛ ولكنه كان يرسو على قرار مكين بعد كل نقاش ديني وكل ثورة في القصر. ولم يكن يسمح بحب الكتب أن يطغى على حبه الحياة؛ وكان يعلم الفلسفة في جامعة القسطنطينية، ومنح فيها لقب أمير الفلاسفة؛ ثم دخل ديراً، فلما وجد حياة الأديرة أهدأ من أن تطاق عاد إلى الدنيا، وكان رئيساً للوزراء من ١٠٧١ إلى ١٠٧٨؛ ووجد من وقته متسعاً للكتابة في السياسة، والعلوم، والنحو، واللاهوت، وفقه القانون، والموسيقى والتاريخ. ويسجل كتابه المعروف