الخرافات والمعجزات. وكان الفن الإيطالي يرى أن الفن القوطي فن همجي ويستمسك بطراز الباسلفا، (البناء الروماني المستطيل الشكل)، ثم عاد آخر الأمر في عصر النهضة إلى الشكل الأوغسطي. ولم يزدهر نظام الإقطاع في إيطاليا مطلقاً؛ فالمدن لم تفقد قط سلطانها وتفوقها على الريف؛ وكانت الصناعة والتجارة، لا الزراعة، هما اللتين مهدتا السبيل إلى الثراء.
ولم تكن في روما في عهد من العهود مدينة تجارية، ولذلك ظلت آخذة في الضعف، فقد اندثر مجلس شيوخها في حروب القوط، وأضحت وأضحت نظم بلدياتها القديمة بعد سبعمائة عام من نشأتها أدوات جوفاء وأحلاماً تناقض روح الزمان، ولم يكن في وسع عامتها المؤلفين من خليط من الأجناس، والذين يعيشون عيشة قذرة يخفف من قذارتها بعض الشيء الإباحية الجنسية والصدقات البابوية، لم يكن في وسعها هؤلاء العامة أن يعبروا عن عواطفهم السياسية إلا بالثورات المتكررة على السادة الأجانب أو البابوات البغيضين. وكانت الأسر الأرستقراطية القديمة لا شغل لها إلا التنافس للسيطرة على البابوية أو التنازع مع البابوية للسيطرة على روما. وبينما كان التربيونون- محامو الشعب- والقناصل وأعضاء مجالس الشيوخ هم الذين ينفذون القانون بالعصا والحراب، أضحى النظام الاجتماعي يقوم الآن على أساس مزعزع من قرارات المجالس الكنسية ومواعظ الأساقفة، ووكلائهم، والمثل المريبة يضربها آلاف الرهبان المختلفي الأمم، وهم طائفة قلّما كانت غير متعطلة، ولم تكن على الدوام عازبة. وكانت الكنيسة قد شنت الغارة على الاختلاط الجنسي في الحمامات العامة وهجر الناس الأبهاء العظمى وحمامات السباحة الساخنة، وزال من الوجود فن الطهارة الوثني. وخُربت قنوات الشرب الإمبراطورية من جرّاء الإهمال أو الحروب فأخذ الناس يشربون مياه التيبر (١١)؛ وعطلت حلبة مكسيموس Circus Maxtmus والكلسيوم Collosseum ذواتا الذكريات الدموية، وأخذت السوق العامة تعود في القرن