وشمبانيا، وفلاندرز، ونورمندية. وكان هؤلاء الأدواق أو الكونتات في جميع الحالات تقريباً ورثة زعماء أو قواد منحهم الملوك المروفنجيون أو الكارلونجيون ضياعاً جزاء لهم على خدماتهم الحربية أو الإدارية. وكان الملك قد أصبح يعتمد على هؤلاء الكبراء في تجييش الجيوش وحماية ولايات الحدود؛ ولم يكن بعد عام ٨٨٨ يسن القوانين للمملكة جميعها، أو يجبي منها الضرائب، بل كان الأدواق والكونتات يسنون القوانين، ويجبون الضرائب، ويشنون الحروب، ويفصلون في القضايا ويعاقبون، ويكادون يكونون سادة مستقلين في ضياعهم، لا يدينون للملك إلا بولاء أسمى، ولا يؤدون له إلا خدمة عسكرية ذات نطاق محدود. واقتصرت سلطة الملك في وضع القوانين، والفصل في القضايا، وفي الشئون المالية، على ضياعه الملكية الخاصة، وهي التي سميت فيما بعد جزيرة فرنسا lle de France وتشمل إقليمي الساءون والسين الأوسط الممتدين من أورليان إلى بوفيه ومن تشاتر إلى ريمس. وتقدمت نورمندية دون سائر الدوقيات المستقلة استقلالاً نسبياً بأن نمت نمواً سريعاً إلى أقصى حدود السرعة في قوتها وسلطانها، فلم يمض عليها قرن واحد بعد تسليمها لأهل الشمال حتى أصبحت أكثر ولايات فرنسا مغامرة ومخاطرة-ولعل السبب في ذلك هو قربها من البحر وموقعها بين إنجلترا وباريس. وكان أهل الشمال وقتئذ مسيحيين متحمسين للمسيحية، لهم أديرة ومدارس أديرة، وكانوا يتناسلون باستهتار ما لبث أن دفع شبابا النورمنديين إلى إنشاء ممالك جديدة من الولايات القديمة. ذلك أن بحارة الشمال كانوا حكاماً أقوياء لا يبالون بالمبادئ الأخلاقية ولا راعون في الوصول إلى أغراضهم ضميراً، ولكنهم قادرون على أن يحكموا بيد من حديد شعباً مشاكساً، مضطرباً، مكوَّناً من الغاليين والفرنجة، والشماليين. ولم يكن ربرت الأول (١٠٢٨ - ١٠٣٥) قد أصبح بعد دوقا لنورمندية حين وقعت عينه في عام ١٠٢٦ على هارلت Harlette ابنة