للأمة الإنجليزية بصفاته الأخلاقية-تقواه، واستقامته الخالية من التباهي، واعتداله، وجلده، وإخلاصه لشعبه، وشغفه بالاستزادة من التعليم-ضرب لها بهذه الصفات مثلاً، وبعث فيها روحاً، تلقتها بأعظم الشكر ونسيتها بعد قليل. وقد أعجب بها فلنير إعجاباً لعله كان مسرفاً فيه إذ قال:"لست أظن أنه كان في العالم كله رجل أجدر باحترام الخلف من ألفرد الأكبر"(٤).
وواصل الإسكنديناويين هجومهم على إنجلترا في أواخر القرن العاشر، فأغارت قوة من الفيكنج (القراصنة النرويجيين) بقيادة أولاف تريجفسون Olat Tryggvsson على سواحل إنجلترا في عام ٩٩١. وعجز الإنجليز بقيادة الملك إثلرد (٩٨٧ - ١٠١٣) (الملقب بردلس Redeless أي غير المنتصح لأنه أبى أن يعمل بمشورة أعيان البلاد) فنفح الغزاة برشا سخية متتابعة ١٠. ٠٠٠، ١٦. ٠٠٠، ٢٤. ٠٠٠، ٣٦. ٠٠٠، ٤٨. ٠٠٠، رطل من الفضة جمعها دينجلد Danegeld المخرب الوقح من أول ضريبة عامة فرضت على إنجلترا. وسعى إثلرد لكسب المعونة الأجنبية فشرع يفاوض نورمندية في عقد حلف معه، وتزوج إما Emma ابنة رتشارد الأول دوق نورمندية، ونشأت من هذا الزواج أحداث خطيرة وأدعى إثلرد أن الدنمرقيين يأتمرون به ليقتلوه، ويقضوا على برلمان الأمة الويتناجمور Witenagemor فأمر بقتل كافة من في الجزيرة من الدنمرقيين أينما وجدوا (١٠٠٢). ولسنا نعلم إلى أي حد نفذ هذا الأمر بحذافيره، وأكبر الظن أن جميع من كانوا في إنجلترا من الذكور القادرين على حمل السلاح قد قتلوهم وبعض النساء، وكان من بين من قتلن منهن أخت سوين Sweyn ملك الدنمرقة، وأقسم سوين أن يثأر لمقتلهما، فغزا في إنجلترا في عام ١٠٠٣، وأعاد الكرّة عليها بجميع قواه في عام ١٠١٣. وتخلى نبلاء إثلرد عنه، ففر إلى نورمندية، وأصبح سوين ملك إنجلترا وسيدها. غير إن إثلرد عاد إلى الكفاح بعد موت سوين (١٠١٤)، وتخلى عن الأعيان مرة أخرى، وعقدوا الصلح مع كنوت