من حق الرجل أن يقتل دون أن يلقى عقاباً-أي دون أن يثير خصاماً دموياً-أي رجل يضبطه في علاقة غير شريفة بزوجته (٥٧). وكان النساء يكدحن ولكنهن بقي لديهن من الأناقة ما يكفي لأن يقتل الرجال بعضهم بعضاً من أجلهن، وكان الرجال ذوو السلطان في الحياة العامة أذلاء كما هي العادة في بيوتهن. ويمكن القول بوجه عام إن مكانة المرأة في اسكنديناوة الوثنية كانت أعلى منها في اسكنديناوة المسيحية (٥٨). فلم تكن فيها أم الخطيئة بل كانت أم الرجال الأقوياء البواسل، وكان لها حق الثلث-وحق النصف بعد عشرين عاماً من زواجها-في كل ما يكسبه زوجها من مال؛ وكان يستشيرها في أعمالها المالية، وكانت تختلط في بيتها مع الرجال بكامل حريتها.
وكان العمل مما يشرف صاحبه، وكان لجميع الطبقات منه نصيب. وكان صيد السمك من الصناعات الكبرى، وصيد الحيوان من ضرورات الحياة لا من أسباب متعتها. ألا فليتصور القارئ ما استلزمه من كدح وقوة إرادة تقطيع غابات السويد وتذليل تربة منحدرات تلال النرويج المتجمدة وفلحها؛ وليست حقول القمح في منسوتا Minnesota إلا وليدة التربة الأمريكية ذللها صبر النرويجيين. وكانت الضياع الكبيرة قليلة العدد، حتى لقد فاقت اسكنديناوة غيرها من البلاد في كثرة عدد ملاكها، من الزراع الأحرار. وكان هناك من التأمين غير المكتوب يقلل من وقع الكوارث على أولئك الزراع: فإذا حرق بيت زارع عاونه جيرانه على بنائه من جديد، وإذا ما نفقت مواشيه بسبب المرض من "فعل الله" منحوه ما يعادل نصف ما خسره. وكان كل شمالي تقريباً ذا حرفة، وكان بارعاً بنوع خاص في التجارة، غير أن الرجل الشمالي كان متأخراً في استخدام الحديد الذي لم يدخل بلادهم إلا في القرن الثامن فلما دخلها صنعوا منه أنواعاً مختلفة من العدد، والأسلحة، والزخارف، صنعوها قوية جميلة من البرونز، والفضة، والذهب (٥٩)؛ وكثيراً ما كانت الدروع والسيوف المزخرفة