للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تشغل باله هو، وقد أسعده أن يوجه عنايته فيما أتيح له من سني الهدوء القلائل إلى نشر الإنجيل في أوربا، وأخضع لسلطانه أساقفة لمبارديا المتمردين، وأعاد المذهب الكاثوليكي السليم إلى أفريقية، وتلقى تحويل أسبانيا الأريوسية إلى المذهب الكاثوليكي، وكسب إنجلترا لهذا المذهب دون أن يكلفه ذلك أكثر من أربعين راهباً بعث بهم إليها. ولما أبصر وهو رئيس دير القديس أندر بعض الأسرى الإنجليز يعرضون للبيع في أحد أسواق الرقيق في روما دهش كما يقول بيد Bede ذو النزعة الوطنية:

"من بياض إهابهم، ووسامة وجوههم، وجمال شعرهم، فأخذ يتأملهم لحظة وجيزة، ثم سأل، كما يقولون، عن الإقليم أو البلد الذي جيء بهم منه. ولما قيل لهم إنهم جاءوا من بريطانيا، وإن هذه هي صورة أهلها، سأل مرة أخرى هل سكان تلك البلاد مسيحيون … فلما أجيب بأنهم كفرة من عباد الأوثان صاح هذا الرجل الصالح قائلاً … وا أسفاه! إني ليحزنني أن يكون أولئك الناس الحسان ذوو الوجوه المشرقة من أتباع ملك الظلام، وأن تكون لأصحاب هذا المظهر الجميل عقول خالية من الجمال الداخلي". ثم سأل من أجل هذا مرة أخرى عن اسم أولئك الأقوام، فقيل له إن اسمهم الإنجليز Angles، فلما سمع هذا قال: "ألا ما أجدرهم بهذا الاسم (١) لأن لهم وجوهاً كوجوه الملائكة، وخليق بأولئك الرجال أن يرثوا مع الملائكة ملكوت السماوات (١٥) ".

ثم تقول القصة بعدئذ- وهي أطرف من أن تصدق- أن جريجوري استأذن البابا بلاجيوس الثاني أن يذهب على رأس جماعة من المبشرين إلى إنجلترا، فلما أذن له البابا بذلك بدأ رحلته، ولكنه وقف عن مواصلة الرحلة حين سقطت جرادة على الصفحة التي كان يقرأها في الكتاب المقدس؛ فصاح من فوره لوكستا Locusta، " إن معنى هذا loca sta" أي أقم في مكانك (١٦).


(١) يشير إلى ما بين Angles أي الإنجليز و angels أي الملائكة من تجانس (المترجم)