من البريطانيين يصرخون "حمداً لله" في وجوههم (٣٨). ثم ضعف شأن المسيحية البريطانية بعد أن كانت لها هذه القوة العظيمة، وأشرفت على الفناء بسبب غارات الأنجليسكيون، فلم تعد تسمع عنها شيئاً بعدئذ حتى دخل أتباع كولمبا نورثمبرلند في آخر القرن السادس، وحتى وصل أوغسطين ومعه سبعة آخرون من الرهبان من روما إلى إنجلترا. وما من شك في أن البابا جريجوري قد علم من قبل أن إثلبرت ملك كنت الوثني تزوج برتا Bertha الأميرة المروفنجية المسيحية. واستمع إثلبرت في لطف ومجاملة إلى أوغسطين، وظل غير مقتنع بحديثه، ولكنه أطلق له حرية الوعظ، وهيأ له ولزملائه الرهبان الطعام والمسكن في كنتربري. ثم استطاعت الملكة آخر الأمر (٥٩٩) أن تقنع الملك باعتناق الدين الجديد، وحذا حذوهما كثيراً من رعاياهما. وفي عام ٦٠١ بعث جريجوري بصورة الكاهن إلى أوغسطين فأصبح على رأس عدد من أساقفة كنتبري الأجلاء الممتازين. واصطنع جريجوري اللين مع من بقي في إنجلترا من الوثنيين وأجاز تحويل الهياكل القديمة إلى كنائس، بأن تحول عادة التضحية بالثيران في يسر ولطف غلى "ذبحها لإنعاشهم لمديح الله"(٣٩)، وبهذا كان كل ما طرأ على الإنجليز من تغير هو تحولهم من أكل لحم البقر حين يحمدون الله غلى حمد الله حين يأكلون لحم البقر.
وأدخل مبشر إيطالي آخر يدعى بولينوس panlinus المسيحية إلى نورثمبرلند (٧٢٦). ذلك أن أزولد Oswald ملك نورثمبرلند دعا رهبان أيونا إلى المجيء غلى بلاده ليعظوا شعبه، وأراد أن يعينهم على أداء مهمتهم فمنحهم جزيرة لنسفارن Lindisfarne القريبة من ساحل إنجلترا الشرقي. وفيها أنشأ سانت إيدان St. Aidan (٦٣٤) ديراً خلد اسمه بمن تخرج فيه من المبشرين المخلصين وبما أخرجه من المخطوطات المزخرفة ذات الروعة. وهناك ترك سانت كثبرت St. Cuthbert (٦٣٥؟ -٦٨٧) وراءه في دير ملروز Mlrose ذكريات طيبة لصبره، وتقواه، وفكاهته، وحسن إدراكه وبفضل صلاح هؤلاء الرجال