يتجاهل سلطانهم، ومع الموظفين الزمنيين الذين لا يقبل تدخلهم في الشئون الدينية ومع البابوات أنفسهم. ذلك أن الأيرلنديين كانوا يحتفلون بعيد الفصح حسب تقويم كانت تسير عليه الكنيسة في بادئ الأمر ولكنها غيرته في عام ٣٤٣. ونشأ من ذلك نزاع بينها وبين القساوسة الغاليين، فلجأ هؤلاء إلى جريجوري الأكبر، ورفض كولمبان أوامر البابا وقال:"إن الأيرلنديين أعلم منكم بالفلك أيها الرومان"، وأمر جريجوري أن يقر طريقة الأيرلنديين في الحساب وإلا "فسيعد من الخارجين عن الدين وتنبذه بازدراء كنائس الغرب"(٣٥). ثم طرد الأيرلندي المتمرد من غالة (٦٠٩)، لتشهيره بآثام الملكة برنهلد Brunhild: ووضع بالقوة على ظهر سفينة مقلعة إلى أيرلندة؛ ولكن السفينة اضطرت إلى الاندفاع عائدة إلى فرنسا، وعبر كولمبان الأرض المحرمة عليه وأخذ يعظ أهل بافاريا الوثنيين. ولسنا نعتقد أن كولمبان كان في حقيقة أمره رهيباً كما يبدو من حكمه وسيرته، فنحن نسمع أن السناجب كانت تجثم في اطمئنان على كتفيه وتدخل في قلنسوته وتخرج منها (٣٦). ثم ترك زميلاً له أيرلندياً ليؤسس (٦١٣) دير سانت جول St. Gall على بحيرة كنستانس، وعبر هو ممر سان جوثار St. Gothard Pass بعد أن عانى في سبيل ذلك الأمرين، وأسس دير ببيو Bobbio في لمباوديا عام ٦١٣ حيث توفي بعد عامين في صومعته المنعزلة التي كان يعيش فيها معيشة الزهد والتقشف.
ويحدثنا ترتليان Tertullian عن وجود مسيحيين في بريطانيا في عام ٢٠٨؛ كما يحدثنا بيد Bede عن وفاة سانت أولبان أثناء اضطهاد دقلديانوس للمسيحيين. وقد شهد الأساقفة البريطانيون مجلس سرديقا Sardica (٣٤٧) ، كذلك ذهب جرمانوس Germanus أسقف أوكسير Auxerre إلى بريطانيا في عام ٤٢٩ ليقضي فيها على الزنادقة البلاجيين (٣٧). ويؤكد لنا وليم الملمزبريي William of Malmesbury أن الأسقف أباد جيشاً من السكسون بأن جعل الذين هداهم