رئيساً لتلك المدرسة (٩٧٢ - ٩٨٢). وكان يعلم طائفة من العلوم غريبة في اختلافها تشمل شعراء اليونان والرومان الأقدمين؛ وكان يكتب باللاتينية كتابة ممتازة، وله عدة رسائل تكاد تضارع رسائل سيدونيوس Sidonius. وكان يجمع الكتب حيثما ذهب، وينفق ماله بغير حساب في نسخ صور من المخطوطات المحفوظة في دور الكتب المختلفة، ولعلنا مدينون بما لدينا من خطب شيشرون (٥٤). وكان حامل لواء العالم المسيحي في علوم الرياضة، وأدخل في البلاد صورة جديدة من الأرقام "العربية"؛ وكتب عن المعد والاسطرلاب، وألف رسالة في الهندسة النظرية؛ واخترع ساعة آلية، وأرغناً يديره البخار (٥٥). وقد بلغ من مهارته في كثير من العلوم المختلفة أن اشتهر بعد وفاته بأنه كانت له قوى سحرية (٥٦).
ولما توفي أدلبيرو (٩٨٥) سعى جلبرت ليكون كبيراً لأساقفة ريمس، ولكن هبوكابت عين بدله أرنولف Arnulf، وهو ابن غير شرعي من البيت الكارولنجي. ولما أخذ برنولف يأتمر بهيو أصدر مجلس كنسي قراراً بخلعه على الرغم من احتجاج البابا، واختار جربرت رئيساً للأساقفة (٩٩١). ولكن قاصداً رسولياً أقنع مجمعاً دينياً عقد في مواسون Moisson بعد أربع سنين من ذلك الوقت بفصل جربرت من منصبه. فما كان من العالم المستذل إلا أن هرع إلى بلاط أتو الثالث في ألمانيا، حيث قوبل بأعظم مظاهر التكريم، وهيأ عقل المليك الشاب لفكرة إعادة الإمبراطورية الرومانية واتخاذ روما عاصمة لها. وعينه أتو كبيراً لأساقفة رافنا، ثم عينه بابا في عام ٩٩٩. وتسمى جربربت باسم سلفستر Sylvester الثاني، كأنما أراد أن يقول إنه سيصبح سلفستراً ثانياً لقسطنطين ثان يوحد العالم مرة أخرى؛ ولو أنه هو وأتو عاشا عشر سنين أخرى لكان من المحتمل أن يحققا حلمهما، لأن أتو ابن أميرة بيزنطية، ولكان من المحتمل أيضاً أن يصبح جربرت ملكاً فيلسوفاً. ولكن المنية عاجلت جربرت في السنة الرابعة من جلوسه على