عرش البابوية، وتقول الإشاعة الرومانية إنه مات مسموماً، سمته استفانيا Stephania عينها التي سمت أتو.
وتدل الآمال التي كانت تخامرهما، كما تدل الحركات السياسية الدائبة على العمل في العالم حولهما، على قلة من كان فيه من المسيحيين الذين يعتقدون جادين أن العالم سينتهي في العام المتمم للألف بعد الميلاد. فقد حدث في بداية القرن العاشر أن أعلن مجلس كنسي أن القرن الأخير من حياة العالم قد استهل (٥٧)، وظلت أقلية ضئيلة في نهاية ذلك القرن تؤمن بهذا القول وتستعد ليوم الحساب، أما الكثرة الغالبة فظلت تسير سيرتها المألوفة، وتعمل، وتلعب، وتأثم، وتصلي، وتحاول أن تطيل حياتها بعد سن الشيخوخة. ولسنا نجد شواهد على استيلاء الذعر على عقول الناس في عام ١٠٠٠ بل إننا لا نجد زيادة في هبات الناس إلى الكنيسة (٥٨).
وعادت البابوية سيرتها الأولى من الضعف والانحلال بعد موت جربرت، فأخذ أعيان تسكيولوم Tusculum متحالفين مع الأباطرة الألمان يشترون مناصب الأساقفة، ويبيعون البابوية، وقلّما كانوا يحاولون التستر على عملهم هذا. وكان بندكت الثامن (١٠١٢ - ١٠٢٤) الذي رشحوه لهذا المنصب الأخير رجلاً ذكياً قوياً؛ ولكن بندكت (١٠٣٢ - ١٠٤٥) الذي عين بابا في الثانية عشرة من عمره دنس منصبه بحياة الفحش (٥٩)، إلى حد جعل الشعب يثور عليه ويخرجه من روما. غير أنه عاد مرة أخرى بتأييد تسكيولوم، فلما أتعبه منصب البابوية باعها إلى جريجوري السادس (١٠٤٥ - ١٠٤٦) بألف (أو ألفي) رطل من الذهب. وأدهش جريجوري روما بأن كان البابا مثالياً أو أقرب ما يكون إلى المثالية. ويلوح أن الذي دفعه إلى ابتياع منصب البابوية هو رغبته الصادقة في أن يصلح شأنها ويحررها ممن كانوا يسيطرون عليها ولم يكن أمراء تسكيولوم راغبين في هذا الإصلاح، ولهذا أعادوا بندكت العاشر إلى كرسي البابوية، ولكن حزباً آخر رفع سلفستر الثالث إلى عرشها. واستغاث القساوسة