للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو قلانس شبيهة بالعمائم، ويحتذون أخفافا سهلة الخلع. ولما أن زادت ثروتهم استبدلوا بالأخفاف أحذية من الجلد وارتدوا فوق الجلابيب قفاطين ذات أهداب. أما نساؤهم- وهن من أجمل نساء الأمم القديمة- فكن يصبغن خدودهن ويكتحلن ويتحلين بكل ما يجدن من الحلي، ويلبسن أحسن الأزياء وأحدثها في بابل ونينوى ودمشق وصور (٢١).

وكانت اللغة العبرية أعظم اللغات الرنانة على ظهر الأرض، ألفاظها مليئة بالأنغام الموسيقية القوية رغم ما فيها من حروف حلقية. وقد وصفها رينان بقوله: أنها" كنانة مليئة بالسهام، وأبواق نحاسية تدوي في الهواء " (٢٢). ولم تكن تختلف كثيراً عن لغة الفينيقيين أو الموآبيين. وكان اليهود يكتبون بحروف هجائية وثيقة الصلة بالحروف الفينيقية (٢٣)، ويعتقد بعض العلماء أنها أقدم ما عرف من الحروف (٢٣) أ. ولم يشغلوا أنفسهم بإضافة الحركات إلى الحروف، بل تركوها للقارئ يستخرجها من معنى العبارة، ولا تزال الحركات العبرية إلى اليوم مجرد علامات تزدان بها الحروف.

ولم تتألف من الغزاة في يوم من الأيام أمة موحدة متماسكة، بل ظلوا زمناً طويلاً يؤلفون اثنا عشر سبطا مستقلين استقلالاً واسعا أو ضيقا، ونظامهم وحكمهم لا يقومان على أساس الدولة، بل على أساس الحكم الأبوي في الأسرة. فكان شيوخ العشائر يجتمعون في مجلس من الكبراء هو الحكم الفصل في شئون القبيلة، وهو الذي يتعاون مع زعماء القبائل الأخرى إذا ألجأتهم إلى هذا التعاون الظروف القاهرة التي لا مفر من التعاون فيها. وكانت الأسرة هي الوحدة الاقتصادية التي يقوم عليها زرع الأرض ورعي قطعان الضأن. وكانت مكانتها هذه مصدر قوتها ونفاذ كلمتها، وسلطانها السياسي. وكان في الأسرة قسط من الشيوعية يخفف بعض الشيء من صرامة النظام الأبوي، وهو الذي أوحى إلى الشعب بذكريات كان الأنبياء يرجعون إليها وهم محزونون حين غلبت على البلاد النزعة الفردية.