للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو رئيساً يتوسط بينهم وبين المالك وينسق نشاطهم الزراعي. وكانوا يجتمعون في السوق في فترات معينة ليتبادلوا السلع، وكان هذا التبادل هو البقية الباقية من التجارة في هذه الضيعة المكتفية بنفسها من الناحية الاقتصادية. فقد كان البيت الريفي ينتج بنفسه ما يلزمه من الخضر وبعض ما يلزمه من اللحوم، ويغزل صوفه أو كتانه، وينسج معظم ما يحتاجه أفراد من الثياب. وكان حداد القرية يصنع الآلات الحديدية، ودابغ الجلود يصنع البضائع الجلدية، والنجار ينشئ الأكواخ ويصنع الأثاث، وصانع العربات يصنع المركبات، والقصابون، والصباغون، والبناءون، وصانعو السروج، والحذاؤون، والصبانون … كان كل هؤلاء يعيشون في القرية أو يأتون إليها ليقيموا فيها بعض الوقت ليصنعوا ما يطلب إليهم صنعه، وكان القصاب العام أو الخباز ينافس الفلاح وزوجته في إعداد اللحم والخبز.

وكانت تسعة أعشار الاقتصاد الإقطاعي قائمة على الزراعة. وقد جرت العادة في فرنسا وإنجلترا في القرن الحادي عشر أن تقسم أرض المزرعة إلى ثلاثة حقول: أحدها يزرع قمحاً أو شيلماً، وثانيها شعيراً أو شوفاناً، ويترك الثالث بوراً. وكان كل حقل يقسم قطعاً مساحة كل منها نحو فدان إنجليزي أو نصف فدان يفصل كل منها على الأخرى حاجز من أرض غير محروثة. وكان موظفو القرية يحددون لكل زارع عدداً مختلفاً من القطع في كل حقل ويحتمون عليه أن يتبع فيها دورة زراعية تجري على خطة يضعها مجتمع القرية. وكان الأهلون مجتمعين يقومون في الحقل بالعمليات الزراعية كلها من حرث وتمهيد، وغرس وبذر، وحصاد. ولعل توزيع قطع الفلاح الواحد بين ثلاث حقول أو أكثر كان يهدف إلى إعطائه نصيباً معادلاً لنصيب غيره من الأراضي غير المتساوية الخصوبة، ولعل هذه القرية التعاونية كانت باقية من شيوعية بدائية لا تزال آثار قليلة منها باقية في هذه الأيام. وكان من حق كل فلاح يؤدي ما عليه من الواجبات الإقطاعية بالإضافة إلى زرع