هذه القطع أن يقطع الأشجار، ويرعى ماشيته، ويجمع الكلأ الجاف من غابات الضيعة، وأرض الكلأ المشاع فيها، "وأرضها الخضراء" وكان له عادة حول كوخه ما يكفي من الأرض لإنشاء حديقة وغرس الأزهار.
ولم يكن علم الزراعة في البلاد المسيحية الإقطاعية يضارع نظيره عند الرومان في عهد كولمبلا Columbella أو عند المسلمين في بلاد العراق أو الأندلس. وكانت أعقاب النبات وغيرها من النفايات تحرق في الحقول لإخصاب التربة وتطهيرها من الحشرات والأعشاب الضارة؛ وكان يتخذ من الطين الغضار (١) أو غيره من التراب والجير نوع من السماد البسيط، فلم يكن يوجد في ذلك الوقت مخصبات صناعية، وكان ما يعترض النقل من صعاب يقلل استخدام روث الحيوان، ولهذا كان رئيس أساقفة رون Rouen يلقي أقذار إسطبلاته في نهر السين بدل أن ينقلها إلى حقوله القريبة منها في دفيل Deville، وكان الفلاحون يشتركون في جمع دريهماتهم القليلة لشراء محراث أو زحافة يستعملونهما جميعاً. وظل الثور هو حيوان الجر عندهم حتى القرن الحادي عشر؛ ذلك أن هذا الحيوان أقل نفقة من الحصان في إطعامه، وكان إذا كبرت سنه أكثر منه نفعاً إذا اتخذ طعاماً. ولكن صانعي السروج اخترعوا حوالي عام ١٠٠ بعد الميلاد الطوق الجامد الذي يمكن الحصان من جر حمل ثقيل دون أن يختنق؛ وإذا وضع هذا الطوق في عنق الحصان أمكنه أن يحرث في اليوم الواحد ثلاثة أمثال ما يحرثه الثور أو أربعة أمثاله. وإذ كانت سرعة الحرث مهمة في الأجواء المعتدلة الرطبة فقد أخذ الحصان في القرن الحادي عشر يحل محل الثور ويفقد ما كان له من منزلة عالية جعلت الناس يحتفظون به من قبل للسفر، والصيد، والحرب (٣٢). ودخلت السواقي أوربا الغربية في أواخر القرن الحادي عشر، وكانت مستخدمة قبل ذلك بزمن طويل في بلاد الشرق الإسلامية (٣٣).
(١) المارل ويسمى أيضاً بالثمن وهو نوع من الطين الخزفي غنى بكربونات الكلسيوم. (المترجم)