للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو أغصان الأشجار؛ وكانت تدفأ من وسطها من موقد يحرق فيه الخشب وظلت الدار من غير مدخنة إلى أواخر العصور الوسطى؛ وكان الدخان يخرج من فتحة بالسقف، وكان من خلف المصطبة باب يوصل إلى "مشمسة" يستطيع السيد وأسرته وضيفه أن يستريحوا فيها ويستمتعوا بأشعة الشمس وكان الأثاث هنا أدعى إلى الراحة منه في الحجرات، فقد كان في هذه المشمسة بساط، ومدفأة، وسرير مريح.

وكان مالك الضيعة يرتدي جلباباً يتخذ عادة من الحرير الملون، نقشت عليه رسوم هندسية أو نباتية، وحرملة تغطي الكتفين وغير مشدودة يستطاع رفعها فوق الرأس؛ وسروالاً تحتياً (لباساً) قصيراً من فوقه سروال آخر (بنطلون) قصير أيضاً؛ وجوربين قصيرين يرتفعان إلى الفخذين، وحذاءين طويلين يرتفع طرفاهما الأماميين كأنهما مقدم سفينة، وكان يتأرجح من منطقة جراب وسيف، وتتدلى عادة من عنقه مدلاة على شكل صليب. ولما أراد الأشراف الأوربيون أن يميزوا الفرسان ذوي الخوذ والدروع أحدهم عن الآخر في الحرب الصليبية الأولى (٣٦). أخذوا عن المسلمين عادة (٣٧) تمييز أرديتهم، وحللهم، وألويتهم، ودروعهم، وسروج خيلهم بنقوش خاصة أو شعائر حربية، ومن ثم أنشأت الفروسية لنفسها رطانة عجيبة لا يفهمها إلا الفرسان والقائمون على شئون الفروسية (١). ولم يكن المالك رغم هذه الزينات كلها بالإنسان المتعطل المتطفل، فقد كان يستيقظ في مطلع الفجر، ويصعد إلى برجه ليتبين هل يحدق به خطر، ثم يفطر مسرعاً،


(١) وسمي اللون الأصفر، والأبيض، والأزرق، والأحمر، والأخضر، والأسود والبنفسجي، على هذا الترتيب نفسه، بالذهبي، والفضي، والسماوي، والوردي، والنباتي والرملي، والأرجواني. وكان الأزرق السماوي لوناً أخذ عن الشرق، ومن ثم كان من أسمائه "ما وراء البحر". وكان الصليبيون يزينون معاصمهم ورقابهم بأساور مزركشة من الفرو-تصبغ عادة باللون الأحمر- (واللفظ الإنجليزي الذي يسمى به هذا اللون وهو gules مشتق من لفظ جولا اللاتيني ومعناه حلق). وكانت الأديرة، والبلدان، والأمم، تستخدم هذه الرموز في القرن الثالث عشر كما تستخدمها الأسر، وكانت الأسر القديمة تضع عادة فوق رموزها أو ألويتها شعاراً موجزاً جامعاً مثل: طاهر السريرة؛ لا بالكثير ولا بالقليل. الخ.