الأحمر، وأغرى حيرام على أن يستخدم هذا الطريق الجديد بدل طريق مصر في تجارته مع بلاد العرب وإفريقية (٣٤). والراجح أن جزيرة العرب هي التي استخرج سليمان منها الذهب وحجارة " أوفير" الكريمة (٣٥)، ومن بلاد العرب جاءت إليه ملكة "سبأ" تخطب وده، ولعلها جاءت أيضا لتطلب معونته (٣٦). وكان "وزن الذهب الذي أتى سليمان في سنة واحدة ستمائة وستاً وستين وزنة ذهباً"(٣٧) ومع أنه لا وجه للموازنة بين هذا القدر وبين موارد بابل أو نينوى أو صور فإنه جعل سليمان من أغنى ملوك زمانه (١). واستخدم بعض هذه الثروة في ملاذه الشخصية، وأخص ما استخدمها في إشباع شهوته في جمع السراري- وإن كان المؤرخون ينقصون "زوجاته السبعمائة وسراريه الثلاثمائة إلى ستين وثمانين على التوالي"(٢٩). ولعله أراد ببعض هذه الزيجات أن يوطد صلاته بمصر وفينيقية، أو لعل الباعث له عليها هو نفس الباعث الذي حمل رمسيس الثاني على هذا العمل بعينه، وهو رغبته في أن يترك وراءه طائفة من الأبناء لهم من القوة الجنسية العظيمة ما كان له هو. على أن سليمان قد استخدم معظم موارده في تقوية دعائم حكومته وتجميل عاصمته. ومن أعماله فيها ترميم الحصن الذي أقيمت حوله. وقد أقام فيها كثيراً من الحصون، ووضع حاميات في المواضع ذات الأهمية العسكرية في مملكته، ليرهب بها الغازين والثائرين على السواء. وقسم بلاده إلى اثني عشر قسماً إدارياً، وتعمد أن تكون
(١) انظر ما قلناه قبل في ص ٢٠٤ لمعرفة قيمة الوزنة في الشرق الأدنى. على أن هذه القيمة كانت تختلف من وقت إلى آخر، ولكننا لا نكون مغالين إذا قلنا أن الوزنة في أيام سليمان كانت لها قيمة شراءية تعادل قيمة ١٠٠٠٠ ريال أمريكي من نقود هذه الأيام. وأكبر الظن أن الكاتب العبري كان وهو يكتب هذا أديباً، لا مؤرخاً يتوخى الحقائق الدقيقة، ولذلك فإن من واجبنا إلا نأخذ أقواله على علاتها. وإذا شاء القارئ أن يعرف شيئا عن تقلبات العملة اليهودية في تلك الأيام الخالية، فليقرأ "دائرة المعارف اليهودية" في موضوعات "المسكوكات" و "الشاقل". ولا تظهر النقود الحقيقية- لا الحلقات، والسبائك الذهبية والفضية- في فلسطين إلا حوالي عام ٦٥٠ ق. م.