المسيحي قد وافقوا على برنامج السلام (٦٦)، وأعلنت مجالس الكنيسة الفرنسية من عام ١٢٠٧ وما بعدها "هدنة الله"، ولعلها في هذا كانت تذكر تحريم المسلمين للحرب في الأشهر الحرم فقالت: على الناس جميعاً أن يمتنعوا عن أعمال العنف طوال أيام الصوم الكبير، وفي موسم الحصاد وقطاف الكروم (من ١٥ أغسطس إلى ١١ نوفمبر)، وفي أعياد محددة، وفي جزء من كل أسبوع-كان عادة من مساء الأربعاء إلى صباح الاثنين، وأجازت هذه الهدنة في صورتها النهائية قيام الحروب الخاصة أو الحروب الإقطاعية ثمانين يوماً في السنة. وقد أثمرت هذه النداءات والإنذارات ثمرتها، فقضى على الحروب الخاصة شيئاً فشيئاً بتعاون الكنيسة، وبقوة الملوك المتزايدة، ونشأة المدن والطبقات الوسطى، واستنفاد النشاط العسكري في الحروب الصليبية، وأضحت هدنة الله في القرن الثاني عشر جزءاً من القانون المدني والقانون الكنيسة في أوربا الغربية، وحرم مجلس لاتران الثاني (١١٣٩) استخدام العدد الحربية ضد الناس (٦٧)، واقترح جرهوه الريخززبرجي Gerhoh of Reichersburg أن يحرم البابا جميع الحروب بين المسيحيين بعضهم وبعض، وأن يُعرض كل ما يشجر من النزاع بين الحكام المسيحيين على التحكيم البابوي (٦٨). ورأى الملوك أن الوقت لم يحن بعد لتنفيذ هذا الاقتراح، فكانوا يثيرون الحروب القومية أكثر من ذي قبل كلما نقصت الحروب الفردية. وكان البابوات أنفسهم في القرن الثالث عشر، وهم يحركون البيادق البشرية ليظفروا بالسلطان، وكان هؤلاء البابوات يستخدمون الحرب أداة من أدوات السياسة.