للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

Froissart يحزنه أن قتل في إحدى المعارك "كثيرون من الأسرى كان مستطاعاً أن يجني من افتدائهم ٤٠٠. ٠٠٠ فرنك (٦٤) ". وكانت قواعد الفروسية، والحكمة المتبادلة بين الفرسان بعضهم وبعض، تحض على مجاملة الأسرى، والاعتدال فيما يطلب من الفداء، وكان من المعتاد أن يطلق سراح الأسير إذا وعد بشرفه أن يعود ومعه فديته قبل وقت معين، وقلّما كان فارس يحنث في هذا الوعد (٦٥). وكان الفلاحون هم الذين قاسوا أشد البلاء في حروب الإقطاع. وكان كل جيش في فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، يغير على أراضي أتباع عدوه وأرقاء أرضه وينهب بيوتهم ويستولي على كل ما لم يجمع من الماشية في داخل أسواره، وكان كثيرون من الفلاحين بعد هذه الحروب يجرون محاريثهم، وهلك الكثيرون منهم جوعاً لقلة ما أنتجته الأرض من الحبوب.

وحاول الملوك والأمراء أن يحتفظوا بالسلم الداخلية في فترات بين الحروب؛ ونجح في هذه المحاولات الأدواق النورمنديون في نورمندية، وإنجلترا وصقلية، وكونت فلاندرز في بلاده، وكونت برشلونة في قطلونية، ونجح هنري الثالث مدى جيل من الزمان في ألمانيا؛ وفيما عدا هؤلاء كانت الكنيسة صاحبة الفضل في تقييد الحروب، فقد أصدرت عدة مجالس كنسية في فرنسا بين عامي ٩٨٩ و ١٠٥٠ قراراً بتحديد "سلم إلهية" وأنذرت كل من يستخدم العنف في الحرب مع غير المقاتلين بالحرمان من حظيرة الدين. ونظمت الكنيسة الفرنسية حركة تدعو إلى السلام في عدة مراكز مختلفة، وأقنعت كثيرين من الأشراف بأن يمتنعوا عن الحروب الخاصة بين بعضهم وبعض، ثم لم تكتف بهذا بل أقنعتهم فوق ذلك أن يشتركوا معها في تحريمها، وقام فلبرت أسقف تشارتر Fulbert of Chatrres (٩٦٠ - ١٠٢٨) يحمد الله في ترنيمة ذائعة الصيت لوجود فترة من السلام غير عادية. ورحبت الجماهير ترحيباً حماسياً بهذه الحركة، وأخذ الصالحون ينبئون بأنه لن تمض خمس سنين حتى يكون جميع سكان العالم