القتال جزاء عاجلاً لهم على بسالتهم. وكان يرتدي في هذا الاحتفال قميصاً أبيض، من فوقه رداء أحمر ومعطف أسود، يمثل أولها ما يرجى أن يتصف به من نقاء الخلق، وثانيهما الدم الذي قد يسفكه في سبيل الشرف أو في سبيل الله، وثالثها الموت الذي يجب أن يكون متأهباً لملاقاته بلا وجل. وكان يصوم يوم كاملاً ثم يقضي ليلة يصلي في الكنيسة، ويعترف بذنوبه إلى أحد القسيسين، ثم يحضر مراسم القداس، ويأخذ العشاء الرباني، ويستمع إلى موعظة عن واجبات الفارس الخلقية، والدينية، والاجتماعية، والحربية، ويتعهد في خشوع أن يؤديها كلها. فإذا فعل هذا تقدم إلى المذبح ومعه سيف يتدلى من عنقه، فيرفع القس السيف ويباركه ويضعه مرة أخرى فوق عنقه، ثم يلتفت الطالب إلى الشريف الجالس الذي يريد أن يتلقى منه لقب الفروسية، فيسأله هذا السيد ذلك السؤال الصارم: "لأي غرض تريد أن تنضم إلى هذا النظام؟ إن كنت تبغي المال، أو الراحة، أو الشرف؛ دون أن تعمل ما يشرف الفروسية؛ فأنت غير خليق بها، وستكون منزلتك في نظام الفروسية كمنزلة القس المتاجر بالرتب الكهنوتية في الأسقفية. ويكون في الطالب وقتئذ متأهباً لأن يجيبه برد يؤكد له استعداده للقيام بما يفرضه عليه نظام الفروسية. وحينئذ يتقدم إليه فرسان أو سيدات يلبسونه زرد الفروسية من درع على صدره وفي ذراعيه، وقفازين من زرد في يديه، ومهمازين في حذاءيه (١). ثم يقوم الشريف ويلطمه ثلاث لطمات بعرض السيف على عنقه أو كتفه، وقد يلطمه لطمة أخرى على خده، وهي كلها رموز لآخر الإهانات التي يستطيع أن يتلقاها دون أن يثأر لنفسه، ثم يمنح رتبة الفروسية بهذه الصيغة: باسم الله، والقديس ميخائيل، والقديس جورج أجعلك
(١) وكان المهمازان المصنوعان من الذهب هما علامة الفارس، والمصنوعان من الفضة علامة تابعة، وإذا قيل عن إنسان أنه "كسب مهمازيه" (الذهبيين) كان معنى هذا أنه بلغ رتبة الفروسية.