فارساً". ثم يتسلم الفارس الجديد حربة؛ وخوذة، وجواداً؛ فيحكم خوذته على رأسه، ويقفز فوق جواده، ويهز حربته، ويلوح بسيفه، ويخرج من الكنيسة راكباً، ويوزع الهدايا على خدمه، ويولم وليمة لأصدقائه.
وكان من حقوقه وامتيازاته وقتئذ أن يخاطر بحياته في البرجاس الذي يتدرب فيه أكثر من ذي قبل على المهارة، والجد، والجرأة. وكانت بداية البرجاس في القرن العاشر، وكان أكثر ما ازدهر في فرنسا، وهو الذي سما ببعض العواطف الثائرة وضروب النشاط التي أفسدت حياة رجال الإقطاع. وقد يدعو إليه الملك أو شريف عظيم على لسان مناد للاحتفال بتنصيب فارس؛ أو زيارة مليك، أو زواج فرد من أفراد الأسرة المالكة. وكان الفرسان الذين يرغبون في الاشتراك في البرجاس يأتون إلى البلدة التي سيعقد فيها، ويعلقون أسلحتهم خارج نوافذ حجراتهم، ويثبتون دروعهم في جدران الحصون؛ والأديرة، وغيرها من الأماكن العامة. وكان النظارة يبحثون هذه كلها، وكان لهم أن يتقدموا بما لديهم من الشكاوي الخاصة بما أخطأ فيه كل متقدم للاشتراك في اللعب، فيستمع موظفو البرجاس إلى القضية ويحكمون بعدم أهلية المذنب من المتقدمين، وفي هذه الحالة تكون "على ترسه أو درعه لطخة". ويفد إلى هذا الجمع الحاشد المتحفز تجار الخيول ليعدوا الفارس للبرجاس، وبائعو الخردوات ليحلوه هو وجواده بالحلل الجميلة، والمرابون لافتداء من يسقطون في الحلبة، والعرّافون، واللاعبون على الحبال ونحوها، والممثلون الصامتون، والشعراء الجائلون والمغنون، والعلماء المتنقلون، والنساء الخليعات، والسيدات ذوات المقام السامي. وكان الحادث كله احتفالاً بهيجاً فيه الغناء والرقص؛ ومواعيد اللقاء، والمشاجرات، والمراهنات التي لا حد لها على المباريات.
وقد يدوم البرجاس إلى ما يقرب من أسبوع، وقد لا يدوم إلا يوماً واحداً. وقد قسمت الأيام في برجاس عقد في عام ١٢٨٥، فكان يوم الأحد يوم اجتماع