للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعيد، وخصص يوما الاثنين والثلاثاء للمثاقفة، ويوم الأربعاء للراحة، ويوم الخميس للبرجاس نفسه الذي أطلق اسمه على الحفل بوجه عام. وكانت حلبة الصراع ميدان بلدة أو فضاء في أحد أطرافها تحيط به من بعض نواحيه مقاعد وشرفات يشاهد منها السراة الحفل وهم مرتدون أفخر ما كان في العصور الوسطى من حلل. أما السوقة فكانوا يشاهدون الألعاب وهم وقوف حول الحلبة، وكانت المقاعد تزدان بالنسيج المزركش، والبيارق المستطيلة، والدروع المنقوش عليها شارات الأسر الشريفة. وكان الموسيقيون يبدءون المباريات بالأنغام الموسيقية، ويحيون بالنغمات العالية أبرع ما في سباق من ضربات. وكان النبلاء والنبيلات ينثرون النقود على السوقة الوقفين في الميدان، فكان هؤلاء يتلقفونها وهم يصيحون "هبات! " و "مرحى! ".

ويدخل الفرسان قبل المباراة الأولى حلبة البرجاس فيمشون إلى الميدان في حللهم وعددهم الفاخرة متباهين في خطاهم، ومن ورائهم أتباعهم على ظهور الجياد تقودها في بعض الأحيان بسلاسل من الفضة أو الذهب السيدات اللائي سيحارب الفرسان تمجيداً لهن. وكانت العادة المألوفة أن يحمل كل فارس ترسه، وخوذته أو حربته، ولفاعة أو قناعاً، أو دثاراً، أو شريطاً انتزعته السيدة المختارة من ثيابها.

وكانت المثاقفة معركة فردية بين فارسين يتباريان. وكانا يعدوان بجواديهما متقابلين ويرمي كلاهما الآخر بحربته المصنوعة من الصلب. فإذا ما اضطر أحد المتبارين أن ينزل عن جواده فإن قواعد المباراة تتطلب أن يترجل الآخر، وبهذا تدور المعركة بينهما راجلين وتستمر حتى يصيح أحدهما طالباً وقف القتال أن يضطر إلى الخروج منه لأنه تعب، أو جرح، أو مات، أو حتى يطلب القضاة أو الملك وقفه. ثم يمثل المنتصر أمام القضاة، ويتلقى في وقار جم جائزة منهم أو من سيدة جميلة. وكانت تشغل عدة أدوار من هذا النوع اليوم كله. وكان الحفل يختم باقتتال حق يصطف فيه الفرسان المتبارون جماعات متقابلة ويقتتلون اقتتالاً حقيقياً،