للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كان يدور في العادة بأسلحة مثلمة، وقد أدى قتال من هذا النوع دار في نيوس Neuss (١٢٤٠) إلى موت نحو ستين فارساً. وفي أمثال هذه المباريات كان يؤسر البعض، وتؤخذ لفدية ممن يؤسرون كما يحدث في الحروب الحقيقية سواء بسواء. وكانت جياد الأسرى وأسلحتهم غنيمة للمنتصرين؛ فقد كان الفرسان يحبون المال أكثر مما يحبون القتال نفسه وقد ورد في مجموعة الأقاصيص الفرنسية التي كتبت في فرنسا بين منتصف القرن الثاني عشر وآخر القرن الثالث عشر (١) أن أحد الفرسان احتج على تحريم الكنيسة لألعاب البرجاس وقال إن هذا التحريم إذا نفذ حرمه من الوسيلة الوحيدة التي يكسب بها عيشه (٦٩). فإذا انتهت جميع المباريات اجتمع الأحياء من الفرسان والنبلاء من النظارة في حفل ليلي تعد فيه الولائم، ويدور فيه الرقص والغناء، ويستمتع فيه الفرسان الظافرون بتقبيل أجمل النساء، ويستمع الحاضرون إلى القصائد والأغاني التي تؤلف تخليداً لانتصارهم.

وكان يطلب إلى الفارس من الوجهة النظرية أن يكون بطلاً، وسميذعاً (٢) وقديساً، وإذا كانت الكنيسة حريصة على ترويض الشرسين من الفرسان، فقد أحاطت نظام الفروسية بمراسيم وأيمان دينية. فقد كان الفارس يقسم أن يكون صادقاً في القول؛ وأن يدافع عن الدين، ويحمي الفقراء والمساكين، وينشر لواء السلم في ولايته، ويقاتل الكفرة. وكان مديناً لسيده الإقطاعي بولاء يرتبط به أكثر من ارتباط الآباء بحب الأبناء، ويتعهد أن يكون حارساً للنساء، مدافعاً عن عفتهن، وأن يكون أخاً لجميع الفرسان يبادلهم المجاملة وضروب المساعدة. وقد


(١) هي المعروفة باسم Fabliux ويبلغ عددها نحو مائة قصة معظمها تهكمي. (المترجم)
(٢) ورد في القاموس المحيط للفيروزبادي: السميذع: السيد، الكريم، الشريف، السخي، الموطئ الأكتاف؛ والشجاع. ولعل هذه أقرب ترجمة لكلمة gentleman وقد وردت في بعض أشعار المعتمد. (المترجم)