للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحدث في إبان الحروب أن يقاتل الفارس غيره من الفرسان، فإذا أسر واحداً منهم عامله معاملة الضيف. وهكذا كان الفرسان الفرنسيون الذين أسروا في كريسي Cr (cy وبواتييه يعيشون أحراراً مستمتعين بالراحة والاطمئنان في ضياع من أسروهم من الفرسان الإنجليز، يشتركون مع مضيفيهم في الولائم والألعاب، وظلوا كذلك حتى افتدوا (٧٠). ورفع الإقطاع الشرف الأرستقراطي وطالب النبل عند الفارس إلى منزلة عالية علواً لا يستطيع أن يدركه ضمير السوقة-فكان يقسم بألا يتخلى عن البسالة الحربية والوفاء الإقطاعي؛ وأن يضع نفسه إلى أقصى حد في خدمة جميع الفرسان، وجميع النساء، وجميع الضعفاء والفقراء. وهكذا عادت الرجولة Virtus إلى معناها الذي كان لها عند الرومان بعد أن ظلت المسيحية ألف عام تؤكد الفضائل النسائية، وبهذا كانت الفروسية، رغم هالتها المسيحية، انتصاراً للأفكار الألمانية، والوثنية، والعربية على المبادئ المسيحية، ولقد كانت أوربا التي توالت عليها الهجمات من كل ناحية في مسيس الحاجة إلى الروح الحربية مرة أخرى.

على أن هذا كله كان هو الفروسية من الوجهة النظرية، وكان عدد قليل من الفرسان يستمسكون به في حياتهم، كما كان عدد قليل من المسيحيين يسمون إلى المستوى الرفيع الشاق من إنكار الذات. ولكن الطبيعة البشرية التي ولدت بين الغابات والوحوش قد لوثت هذا المثل الأعلى وذاك؛ فهذا البطل الذي قاتل يوماً ما ببسالة في ألعاب البرجاس أو في ميدان القتال قد يكون في يوم آخر سفاحاً غادراً، وقد يفخر بشرفه كما يفخر بالريشة التي في خوذته، ويفعل ما فعله لانسلكو Lancelot، وترسترام Tristram، وغيرهما ممن هم أكثر تأصلاً في الفروسية فيحطم بالزنى الأسر الطيبة. وقد يتشدق بحماية الضعفاء، ثم يقتل الفلاحين العزل بحد السيف، وكان يعامل العامل اليدوي الذي يعتمد عليه حصنه ومجده معاملة ملؤها الازدراء، كما يعامل الزوجة التي أقسم أن يعزها ويحميها بغلظة