للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأخلاق. وكثيراً ما حرمت الكنيسة ألعاب البرجاس، ولكن الفرسان كانوا يغفلون أوامرها ويظهرون ابتهاجهم بهذا الإغفال، وكانت النساء يحرضنه، ولم يكن الفرسان يتجاهلون وجودهن، وكانت الكنيسة غير راضية عن الدور الذي تضطلع به النساء في حفلات البرجاس وفي الشعر، وقام الصراع بين أخلاق السيدات النبيلات وبين التعاليم الأخلاقية التي تدعو إليها الكنيسة، وانتصرت السيدات وانتصر الشعراء في صراع عالم الإقطاع.

لقد وجد الحب العذري، الحب الذي يجعل من المحبوب مثلاً أعلى، في كل عصر من العصور على الأرجح، وكان في شدته يتناسب إلى حد ما مع ما يوضع من العقبات من الزمن بين الشهوة وإشباعها. وقلّما كان هذا الحب من أقدم العصور إلى عصرنا الحاضر سبب الزواج، وإذا ما وجدنا هذا الحب منفصلاً كل الانفصال عن الزواج في عصر ازدهار الفروسية، وجب علينا أن نعد هذه الحال أقرب إلى الطبيعة وإلى الأحوال السوية من أحوالنا الحاضرة. لقد كانت النساء في معظم العصور، وبخاصة في عصر الإقطاع، يتزوجن الرجال لما لديهم من المال، ويعجبن بغير أزواجهن لما يتمتعون به من سحر وجمال. وكان الشعراء لفقرهم يتزوجون من الطبقات الدنيا ويحبون من طبقات بعيدة المنال، ويتوجهون بأجمل أغانيهم إلى السيدات اللاتي لا يرجون أن يصلوا إليهن. وكان الفارق بين المحب وحبيبه في العادة كبيراً إلى درجة يرى معها الناس أن أحفل الشعر بالعواطف الجياشة لا يعدو أن يكون تحية ظريفة للمحبوب. وكان السيد الإقطاعي المهذب يكافئ الشعراء الذين يتشببون بزوجته، وشاهد ذلك أن الفيكونت فو Vaux ظل يستضيف الشاعر بير فيدال Piere Vidal بعد أن تغزل فير بامرأته-بل بعد أن حاول أن يغويها (٧٥) -وإن كانت هذه درجة من المجاملة لا يصح للشعراء عادة أن يجرءوا عليها. وكان الشاعر المحب يرى أن الزواج، إذ يتيح أكبر فرصة للمتعة بأقل قدر من الإغراء، قلّما يوجد الحب