للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الدوام بتأثير الغيرة … (٢٣) الشخص الذي يقع فريسة الحب لا ينام إلا قليلاً ولا يطعم إلا قليلاً (٢٦) المحب لا يضن بشيء على حبيبه (٨٢).

وكانت محاكم المحب هذه أجزاء من ندوات تقيمها نساء طبقة الأشراف، ولكن رجال هذه الطبقة لم يكونوا يعبئون بها، وكان الفرسان العشاق يضعون لأنفسهم قواعدهم. غير أن الذي لا يشك فيه أن ازدياد الثراء والتعطل قد أحاط الحب بأخيلة وآداب ومجاملات امتلأت بها قصائد شعراء الفروسية الغزليين وقصائد بداية النهضة. وفي ذلك يقول فلاني Villani شاعر فلورنس (١٢٨٠؟ -١٣٤٨) "تكون في فلورنس في شهر يونية من عام ١٢٨٣ في عيد القديس يوحنا بينما كانت المدينة سعيدة آمنة … اتحاد اجتماعي قوامه ألف شخص، يرتدون كلهم بيض الثياب، ويطلقون على أنفسهم اسم خدام الحب. وقد نظمت هذه الجماعة سلسلة من الألعاب، والحفلات والرقص، مع السيدات، فكان الأعيان ورجال الطبقة الوسطى يمشون على دقات الطبول وأنغام الموسيقى، ويقيمون الولائم في منتصف النهار وفي الليل. وقد ظلت محكمة الحب هذه قائمة نحو شهرين، وكانت أجمل وأشهر ما أقيم من نوعها في تسكانيا" (٨٣).

نشأت الفروسية في القرن العاشر، وبلغت ذروتها في القرن الثالث عشر، وقاست الأمرين من وحشية حرب المائة سنين، واضمحلت أشد الاضمحلال من جرّاء الأحقاد المزرية التي بددت شمل طبقة الأشراف الإنجليز في حروب الوردتين، ثم لفظت آخر أنفاسها في وسط الأحقاد التي أثارتها الحروب الدينية في القرن السابع عشر، ولكنها تركت آثارها البارزة في أوربا أثناء العصور الوسطى والعصر الحديث من النواحي الاجتماعية، والتربوية، والخلقية، والأدبية، والفنية، واللغوية. وازداد عدد طبقات الفروسية-ربطة الساق، والحمام، والقلادة الذهبية-وتضاعفت حتى بلغ عددها ٢٣٤ طبقة منتشرة في بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وأسبانيا، وجمعت مدارس