الكرك بعد بضعة أشهر من ذلك الوقت، ولكنه لم يستطع دخول القلعة الحصينة. وفي عام ١١٨٥ وقع مع المملكة اللاتينية هدنة تدوم أربع سنين؛ ولكن ريجلند مل فترة السلم الطويلة، فاعترض في عام ١١٨٦ للمسلمين، ونهب كثيراً من متاعها وأسر عدداً من أفرادها، ومنهم أخت صلاح الدين، وقال ريجنلد:"إذا كانوا يثقون بمحمد فليأت محمد لينقذهم". ولم يأت محمد؛ ولكن صلاح الدين ثارت ثائرته، فأعلن الجهاد على المسيحيين، وأقسم ليقتلن ريجنلد بيده.
ونشبت المعركة الفاصلة في الحروب الصليبية كلها عند حطين بالقرب من طبرية في اليوم الرابع من شهر يوليه سنة ١١٨٧. وكان صلاح الدين ملماً بمعالم الأرض فاختار لجيوشه الأماكن المشرفة على آبار الماء؛ ودخل المسيحيون ميدان المعركة يلهثون من الظمأ بعد أن اخترقوا السهول في حر منتصف المحرق. وانتهز المسلمون فرصة هبوب الريح نحو معسكر الصليبيين، فأشعلوا النار في الأعشاب البرية، وحملت الريح الدخان فزاد فرسانهم، وقتلوا عن آخرهم؛ وبعد أن ظل الفرسان يقاتلون قتال اليائسين ضد السلاح، والدخان، والظمأ خروا منهوكي القوى، فقتل منهم من قتل وأسر الباقون. ولم تظهر جيوش المسلمين شيئاً من الرأفة بفرسان المعبد أو المستشفى، وأمر صلاح الدين أن يؤتى له بالملك جاي والدوق ريجنلد، فلما أقبلا عليه قدم الشراب إلى الملك دليلاً على أنه قد عفا عنه، أما ريجنلد فقد خيره بين الموت والإيمان برسالة النبي، فلما رفض قتله. وكان مما غنمه المسلمون في هذه المعركة الصليب الذي كان الصليبيون يتخذونه علماً لهم في المعركة، ويحمله فيها أحد القساوسة، وقد أرسله صلاح الدين إلى الخليفة في بغداد. ولما رأى صلاح الدين أنه لم يبق أمامه جيش يخشى بأسه، زحف لتحرير عكا، وأطلق فيها سراح أربعة آلاف أسير من المسلمين، وكافأ جنوده بما غنمه