جنوى حيث سخر منهم الإيطاليون عبدة المصالح الدنيوية؛ ولم يجدوا سفناً تقلهم إلى فلسطين؛ فلما استغاثوا بإنوسنت الثالث أجابهم بلطف أن يعودوا إلى أوطانهم، فمنهم من سمعوا النصيحة وقفلوا راجعين وهم حزانى مكتئبون، فعبروا جبال الألب، ومنهم من استقروا في جنوي، وتعلموا فيها أساليب العالم التجارية.
هذا ما حدث في ألمانيا، أما في فرنسا فقد قدم إلى فليب أغسطس في ذلك العالم نفسه راع في الثانية عشرة من عمره يدعى استيفن، وقال إن المسيح ظهر له وهو يرعى غنمه، وأمره أن يقود حملة من الأطفال إلى فلسطين، فأمره الملك أن يعود إلى غنمه، ولكن عشرين ألفاً من الغلمان اجتمعوا رغم هذا وساروا وراء استيفن؛ واجتازوا فرنسا إلى مرسيليا، وكان استيفن قد وعدهم أن البحر سيشنق عند هذه المدينة ليمكنهم من الوصول إلى فلسطين راجلين، ولم يشنق لهم البحر، ولكن اثنين من أصحاب السفن عرضا عليهم أن ينقلاهم إلى حيث يقصدون دون أن يتقاضوا منهم أجراً. فازدحم الأطفال في سبع سفن أقلعت بهم وهم ينشدون أناشيد النصر. وتحطمت اثنتان من هذه السفن بالقرب من سردانية وغرق كل من كانوا فيها، وجيء بالباقين من الأطفال إلى تونس أو مصر حيث بيعوا في أسواق الرقيق، وشنق صاحبا السفن التي أقلتهم بأمر فردريك الثاني (٥٦).
وبعد ثلاث سنين من ذلك الوقت وجه إنوسنت الثالث في أثناء انعقاد مجلس لاتران الرابع دعوة أخرى إلى أوربا لاستعادة الأراضي المقدسة، وعاد إلى الخطة التي حالت البندقية دون تنفيذها- خطة الهجوم على مصر. وغادرت الحملة الصليبية الخامسة بلاد ألمانيا، والنمسا، والمجر في عام ١٢١٧ بقيادة أندرو Andrew ملك المجر، وأفلحت في الوصول إلى دمياط الواقعة على مصب النيل الشرقي. وسقطت المدينة في أيديهم بعد حصار دام عاماً كاملاً، وعرض عليهم الملك الكامل سلطان مصر وسوريا الجديد أن يصالحهم على أن سلم لهم الجزء الكبير من بيت المقدس، ويطلق سراح الأسرى المسيحيين، ويعيد الصليب الحق. وطلب