للسويد واتخذت فزبي قاعدة وحصناً لتجارة البحر البلطي، وأخذت بعدئذ عقداً بعد عقد، تبسط سيطرتها على تجارة الدنمرقة، وبولندا، والنرويج، والسويد، وفنلندة، والروسيا. وعلى سياسة تلك البلاد، حتى قال آدم البرمني Adam of Bremen: إن تجار العصبة الهانسية في القرن الثالث عشر "بلغوا من الكثرة مبلغ ورث البهائم .. وكانوا يبذلون من الجهد للحصول على جلد طير الغطاس كأن في هذا الجلد نجاتهم إلى ابد الدهر (١٠). واتخذ هؤلاء التجار مقرهم في نفجورود القائمة على نهر فلخوف Volkhov، وأقاموا فيها بوصفهم حامية تجارية مسلحة، واتخذوا كنيسة القديس بطرس مخزناً لبضائعهم، وأحاطوا مذبحها بدنان الخمر، وأقاموا على هذه المخازن حراسة أشبه بحراسة الكلاب المتوحشة، وعنوا في أثناء ذلك بأداء جميع ما يتطلبه التقي والصلاح من الشعائر الدينية (١١).
ولم تقنع العصبة بهذا بل وجهت أفكارها نحو السيطرة على تجارة نهر الرين، وأرغمت كولوني على الخضوع لها مع أنها كانت صاحبة عصبة مستقلة. أما في جنوب تلك المدينة فقد وقفت في وجهها عصبة الرين المؤلفة في عام ١٢٥٤ من كولوني، ومينز، وأسبير Speyer، وورمز، واستربرج، وبازل. وفي جنوب هذه المدائن كانت أجزبرج Augsburg، وألم Ulm، ونورمبرج Nuremberg تقوم بالتجارة الآتية من إيطاليا؛ ولا نزال حتى اليوم نرى في البندقية مستوع هذه التجارة المسمى Fondaco de Fedeschi القائم على القناة الكبرى. وقامت رجنزبرج Regensburg وفينا على الطرف الغربي لنهر الدانوب، ذلك الشريان العظيم الذي كان يحمل غلات الأجزاء الداخلية من ألمانيا إلى بحر إيجة عن طريق سلانيك، أو إلى القسطنطينية والروسيا والبلاد الإسلامية وبلاد الشرق عن طريق البحر الأسود. وهكذا دارت التجارة الأوربية الداخلية دورة كاملة، وعمت التجارة الخارجية في العصور الوسطى في كل مكان.