الدوليون قد جمعوا في هذه الأثناء طائفة من القوانين التجارية يسيرون على هديها؛ وأصبحت هذه النظم فيما بعد أساس القانون التجاري في القرن التجاري في القرن الحادي عشر (١٤). وأخذ هذا القانون التجاري ينمو عاماً بعد عام بما يضاف إليه من الأوامر التي يصدرها النبلاء أو الملوك لحماية التجار أو الزوار القادمين من الدول الأجنبية؛ وأنشئت محاكم خاصة لتنفيذ القانون التجاري؛ ومما هو خليق بالذكر أن هذه المحاكم قد أغلقت ضروب الإثبات والمحاكمات القديمة كالتعذيب، والمبارزة، والتحكيم الإلهي.
وكان التجار الأجانب قد حصلوا منذ القرن السادس الميلادي بمقتضى قوانين القوط الغربيين على حقهم في أن يحاكموا في المنازعات الخاصة بهم وحدهم أمام مندوبين من بلادهم؛ وهكذا بدأ النظام القنصلي الذي تقيم الأمة التجارية حسب نصوصه "قناصل" لها في خارج بلادها أي مستشارين لحماية مواطنيها ومساعدتهم. ولقد أنشأت جنوى قنصلية لها من هذا النوع في عكا عام ١١٨٠، وحذت المدن الفرنسية حذوها في هذا العمل في أثناء القرن الثاني عشر؛ وكان ما عقد من الاتفاقات لتبادل هذه الحقوق القنصلية من خير المصادر التي استمد منها القانون الدولي في العصور الوسطى.
وكان قدر من القانون البحري قد ظل قائماً من العهود القديمة؛ فلم يمح هذا القانون قط بين تجار رودس المستنيرين، بل كان من أقدم الشرائع البحرية "قانون أهل رودس" الصادر في عام ١١٦٧. وأصدرت قوانين أوليرون Lois d'Oleron في أواخر القرن الثاني عشر جزيرة في البحر قرب ساحل بوردو لتنظيم تجارة الخمور ثم أخذتها عنها فرنسا وفلاندرز، وإنجلترا. ونشرت العصبة الهانسية قانوناً مفصلاً في القواعد والنظم البحرية يسير عليه أعضائها: وقد نص فيه على ما يجب اتخاذه من الاحتياطات لضمان سلامة الركاب والبضائع، وعلى الحقوق التي يتمتع بها الناجمون ومن ينجونهم وواجبات ربابنة السفن وملاحيها