القناطر وتشييدها، وعرضت على من يشتركون في هذا العمل الغفران من الذنوب. وكان إخوان الجسور Freres Pontifs هم الذين أنشئوا جسر أفنيون الذي لا يزال محتفظاً بأربع عقود من صنع أيديهم. وبذلت بعض طوائف الرهبان لا سيما الرهبان البندكتيين جهوداً كبيرة للمحافظة على الطرق والجسور؛ وظل ملك إنجلترا ورجال الدين فيها ومواطنوها فيما بين عامي ١١٧٦ و ١٢٠٩ يقدمون أموالهم أو جهودهم الجسيمة لإنشاء جسر لندن، وقامت فوق هذا الجسر بيوت وكنيسة صغيرة، وكان الجسر يقوم فوق عشرين عقداً من الحجر يعبر عليها نهر التاميز؛ وأقيمت في بداية القرن الثالث أولى القناطر المعلقة المعروفة فوق خانق في ممر سان جوتار Gothard St. بجبال الألب.
وكانت المسالك المائية أكثر ما يستخدمه الناس في النقل، فأصبحت لذلك ذات شأن عظيم في نقل البضائع لأن الطرق البرية كانت كثيرة المتاعب، فقد كانت السفينة الواحدة تحمل ما تحمله خمسمائة دابة، وكانت إلى هذا أقل نفقة من الدواب، ومن أجل ذلك كانت أنهار أوربا المنتشرة من نهر التاجه Tagus إلى الفلجا Volga من أهم مسالكها العامة، وكان اتجاه هذه الأنهار ومصابها العامل الرئيسي في انتشار السكان، ونمو المدن، بل والسياسية العسكرية للأمم في كثير الأحيان. وكانت القنوات لا حصر لها وإن كانت الأحواض غير معروفة.
وكان السفر بالبر والبحر على السواء شاقاً بطيئاً، فكان انتقال الأسقف من كنتر بري إلى روما يتطلب تسعة وعشرين يوماً. وكان في وسع حملة الرسائل إذا استبدلوا الخيل في مراحل الطريق أن يجتازوا مائة عام في اليوم الواحد؛ لكن الرسل الخصوصيين كانوا يكلفون كثيراً، ولهذا كان البريد (الذي أعيد في إيطاليا في القرن الثاني عشر) مقصوراً في العادة على الأعمال الحكومية، وكانت عربات عامة حافلة تسير بانتظام في أماكن متفرقة من القارة كالعربات التي كانت تسير بين لندن وونشستر. وكانت الأخبار بطيئة الانتقال شأنها في هذا