والمفصلات الضخمة ذات الأشكال المختلفة التي كانت تنتشر على الأبواب لتقويتها وتزينها. وكان الحدادون والصائغون كثيري العدد؛ وذلك لأن الذهب والفضة لم يكن يستخدمها الناس للمباهات أو لإخفائها فحسب، بل كانا يستخدمان فوق ذلك لوقاية صاحبهما من العملة المنتقصة، وإعطائه في الأزمات نوعاً من الثروة يستطيع تحويله إلى طعام أو سلع.
واتسع نطاق صناعة المنسوجات في القرن الثالث عشر اتساعاً عظيماً في فلاندرز وإيطاليا، وكانت مؤسسات شبه رأسمالية ينتج فيها آلاف من الصناع سلعاً للسوق العامة ويجمعون المكاسب للمستثمرين الذين لا تقع عليهم أعينهم؛ وكان لنقابة الصوف في فلورنس مصانع كبيرة يشتغل فيها نحت سقف واحد غسالون، وقصارون، وقزازن، وغزالون، وناسجون، ومفتشون وكتبة يعملون بأدوات، وآلات، وأنوال لا يمتلكونها وليست لهم أية سيطرة عليها (٢٤).
وكان المتجرون بالجملة في الأقمشة ينظمون المصانع، ويقدمون ما يلزمها من الأدوات، ويمدونها بالعمال ورؤوس الأموال، ويحددون الأجور والأثمان، وينظمون عمليتي التوزيع والبيع، ويتحملون أخطار المغامرة، وما ينتج عن الإخفاق من خسائر، ويجنون ما يثمره النجاح من مكاسب (٢٥). وكان غيرهم من أصحاب الأعمال يفضلون أن يحصلوا على المواد الغفل التي يحتاجها الأفراد أو الأسر، ثم توزعها تلك الأسر أو هؤلاء الأفراد على التجار نظير أجر أو ثمن، وبهذه الطريقة انضم آلاف من الرجال والنساء في إيطاليا، وفلاندرز، وفرنسا إلى المهن الصناعية (٢٦)؛ ولهذا أصبحت مدائن أمين، وبوفيه، وليل، ولاون، وسان كنتان، وبروفن Provins، وريمس، وتراوي، وكمبريه، وتورنيه، ولييج، ولوفان Louvain مركزاً عظيماً لأعمال الوساطة السالفة الذكر- وفاقتها في ذلك غنت، وبروج، وإيبر، ودويه واشتهرت كلها بأذواقها الفنية وثوراتها، وأعارت لاؤن اسمها إلى شاش البطانات Lawn كلما أعارت كمبريه اسمها إلى التيل