فردريك بربروسه قراراً ينص على أن الملك وحده صاحب جميع المعادن التي في بلاده، وأن هذه المعادن لا يمكن استخراجها إلا على أيدي شركات تعمل تحت إشراف الدولة (٢٢). فلما عاد هذا الحق الملكي الذي كان متبعاً أيام أباطرة الرومان أصبح هو القانون السائد في ألمانيا في العصور الوسطى؛ وسار على هذه السنة نفسها ملوك إنجلترا فادعى الملك لنفسه ملكية جميع رواسب الفضة والذهب، أما المعادن الدنيئة فكان في استطاعة صاحب الأرض أن يستخرجها بشرط أن يدفع عن ذلك إتاوة للملك (٢٣).
وكان فحم الخشب هو الذي يستعمل في صهر المعادن، وكان كثير من الخشب في أفران ظلت حتى ذلك الوقت بحالتها البدائية؛ ولكن النحاسين كانوا على الرغم من هذا يخرجون أدوات جميلة من الشبه، كما كان صناع الأدوات الحديدية في لييج، ونورمبرج، وميلان، وبرشلونة، وطليطية يصنعون أسلحة وأدوات حديدية ممتازة. واشتهرت أشبيلية بصلبها الجيد، وأخذ الحديد الزهر (المصهور في درجة ١٥٣٥°مئوية) يحل محل الحديد المطاوع الملين في درجة ٨٠٠ مئوية). وكانت الأدوات الحديدية كلها تقريباً تصنع قبل هذا التغيير "بالطرق"- Smiting ومن هذا الفظ اشتق لفظ اسمث smith السكسوني أي الطارق للحداد. وكان صب الأجراس من الصناعات الهامة لأن الكنائس الكبرى وأبراج المدن كانت تتنافس في أوزان أجراسها، وارتفاع أصواتها، وحسن نغماتها. وكان النحاسون يصنعون أغطية النيران Curfews أي (Couvre feus) التي يضعها الناس على نيرانهم إذا دقت أجراس المساء Curfew. واشتهرت بلاد سكسونيا بما فيها من مصاهر البرنز، كما اشتهرت إنجلترا "بالتنك" Pewter وهو مزيج من النحاس، والبزمزت، والأنتيمون (الإتمد) والقصدير. وكان الحديد المطاوع يستخدم في صنع قوائم حديدية رشيقة للنوافذ، وأخرى من الحديد المشغول لأمكنة المرتلين في الكنائس،