وبولونيا، والبندقية؛ وتخطت هذه الصناعة جبال الألب وأنتجت صناعاً مهرة في زيورخ، وباريس، وكولوني.
وكان في ميدان صناعات العصور الوسطى مئات من مختلف الحرف الأخرى منها حرفة طلاء الآنية الخزفية بطبقة زجاجية وذلك برش سطوحها وهي مبللة بالرصاص ثم حرقها في نار غير شديدة؛ فإذا أرادوا أن يكون لون سطحها الأملس البراق أخضر لا أصفر أضافوا النحاس أو البرنز إلى الرصاص. ولما أضحت المباني والنيران كثيرة الأكلاف في مدن القرن الثالث عشر المطردة النماء حلت قطع القرميد محل السقف المصنوعة من القش، وفرضت مدينة لندن هذا التغيير على سكانها في عام ١٢١٢. وما من شك في أن الحرف المتصلة بالبناء كانت متقدمة لأن طائفة من أمتن المباني الباقية في أوربا الآن يرجع تاريخها إلى هذا العهد. وكان الزجاج يصنع للمرايا، والنوافذ، والأواني، ولكنه كان يصنع في نطاق ضيق إذا قيس إلى غيره من المصنوعات، وكانت الكنائس تحتوي على أحسن ما صنع من أنواع الزجاج أما البيوت فلم يكن فيها شيء منه. وكانت صناعة الزجاج بالنفخ معروفة في أوربا الغربية منذ القرن الحادي عشر إن لم يكن قبله، ولعل هذا الفن لم يختف قط من إيطاليا منذ أن بلغ ذروة مجده في أيام الدولة الرومانية. أما الورق فقد ظل حتى القرن الثاني عشر يستورد من بلاد الشرق الإسلامية أو من أسبانيا، ولكن مصنعاً للورق افتتح في رافنزيرج Ravensburg بألمانيا في عام ١١٩٠، وبدأت أوربا في القرن الثالث عشر تصنع الورق من النيل. وكانت الجلود من أهم السلع في التجارة الدولية، كما كان دبغها منتشراً في كافة الأنحاء. وكان صناع القفازات والسروج، وأكياس النقود، والأحذية والأساكفة من أبرز الناس وأكثرهم تنافساً. وكانت الفراء تستورد إلى داخل أوربا من الشمال والشرق، وكانت من ملابس الملوك والأشراف والطبقة الوسطى. وكانت الخمر والجعة تستخدمان بدل وسائل التدفئة المركزية، وكانت