يشتري بستة (٣٤)؛ فالنقد يزداد تضخماً على مر العصور (١).
بقي أن نعرف مصدر النقود اللازمة لتمويل التجارة والصناعة وتوسيع نطاقها. لقد كان أهم مصدر منفرد لهذا المال هو الكنيسة، وذلك بفضل ما كان لها في جمع المال من نظام لا يدانيه نظام سواه، وكان لديها على الدوام رأس مال سائل تستطيع توجيهه في جميع الأوقات لأي غرض تشاء. وكانت الكنيسة أعظم قوة مالية في العالم المسيحي، ويضاف إلى هذا أن كثيرين من الأفراد كانوا يودعون أموالهم أمانات في الكنائس والأديرة. وكانت الكنيسة تقرض من أموالها الأفراد والهيئات في أوقات الشدة، وكان أكثر من يقترضون المال هم القرويين الذين يرغبون في إصلاح ضياعهم، وكانت الكنائس والأديرة بمثابة مصارف عقارية، وكان لها فضل في تكوين طبقة الزراع الأحرار (٣٦)، وكانت منذ عام ١٠٧٠ تقرض المال للملاك المجاورين لها نظير حصة من ريع أملاكهم (٣٧)، وقد أصبحت الأديرة بهذه الفروض المضمونة برهون أولى هيئات الإفراض في العصور الوسطى. وكان دير سانت أندريه St. Andre في فرنسا يقوم بعمل مصرفي بلغ من اتساع نطاقه أن كان يستأجر المرابين اليهود ليؤدوا للملوك والأمراء، والأشراف، والفرسان، والكنائس، والمطارنة؛ وربما كانت أعمال الرهن التي يقوم بها هؤلاء الفرسان أوسع الأعمال المالية التي من هذا النوع في القرن الثالث عشر.
غير أن هذه القروض التي تقدمها الهيئات الكنسية كانت في العادة تستخدم
(١) يقدر كولتن Coulton، أكبر علماء العصور الوسطى من الإنجليز، قيمة العملة الإنجليزية في عام ١٢٠٥ بقدر قيمتها في عام ١٩٣٠ أربعين مرة (٣٥)؛ أما هذه المجلد فتقدر فيه قيمة النقود في العصور الوسطى بقدر قيمة الوحدات المقابلة لها من النقود أو المعادن الثمينة في عام ١٩٤٩ خمسين مرة، ولقد صرفنا النظر في هذا التقدير عما حدث في النقد من تقلبات في تلك العصور.