وطول في أسبانيا، ولكنهم ظلوا زمناً ما ضعفاء في ألمانيا، وكان يفوقهم الماليون المسيحيون في إيطاليا وفرنسا (٣٩). وكان أكبر مقرض لملوك إنجلترا هو وليم كيد William Cade؛ كما كان أكبر المقرضين في فرنسا وفلاندرز في القرن الثالث عشر أسرتي لوشار Louchard وكرسبان Crespin في أراس (٤٠)؛ وقد وصف وليم البريطوني William the Breton أراس في ذلك الوقت بأنها "مكتظة بالمرابين"(٤١). وكان من مراكز المال في شمالي أوربا غير المراكز السالفة الذكر مصفق أو بورصة (من bussa أي كيس) أي سوق المال في بروج. وكان من طوائف المرابين المسيحيين طائفة أكبر من هؤلاء جميعاً نشأت في كاهور Cahors إحدى مدن فرنسا الجنوبية يقول ماثيو باريس في وصفها:
وفي تلك الأيام (١٢٣٥) انتشر وباء الكهوريين Cohorisians البغيض انتشاراً مروعاً لم يكد يبقي معه إنسان في إنجلترا كلها وبخاصة بين المطارنة إلا وقع في شباكهم، ولقد كان الملك نفسه مديناً لهم بمبالغ لا تحصى، وكانوا يخادعون المعوزين ويحتالون عليهم في حاجاتهم، ويغشون ما يقومون به من أعمال الربا بستار الاتجار (٤٢).
وعهدت البابوية شئونها المالية في إنجلترا إلى رجال المصارف الكهوريين فترة من الزمان، ولكن قسوتهم أثارت غضب الإنجليز إلى حد جعلهم يقتلون أحد أفراد تلك الطائفة في أكسفورد، ولعنهم روجر أسقف لندن، ثم نفاهم هنري الثالث من إنجلترا، وندد ربرت جروستست Robert Groseteste أسقف لنكلن وهو على فراش الموت بابتزاز "التجار والصيارفة من رجال مولانا البابا" الذين هم "أغلظ أكياداً من اليهود"(٤٣).
وكان الإيطاليون هم الذين ارتقوا بالأعمال المصرفية في القرن الثالث عشر إلى درجة لم يكن لها مثيل من قبل. فقد نشأت أسر مصرفية عظيمة لتمد التجارة