للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإيطالية الواسعة النطاق بالمال وهو عصب حياتها: ومن هؤلاء أسرتا بونسنيوري Buonsignori وجلراني Gallerani في سينا Siena وأسر فرسكوبلدي Frescobaldi، وباردي Bardi، وبروزي Peruzzi في فلورنس، وأسرتا بيزاني، Pisani وتيبولي Tiepoli في البندقية .. وقد مدت هذه الأسر أعمالها المالية إلى ما وراء جبال الألب، وكانوا يقرضون ملوك إنجلترا وفرنسا الذين لا تنقطع حاجتهم إلى المال مبالغ طائلة، كما كانوا يقرضون الأشراف، والأساقفة، ورؤساء الأديرة، والمدن. وكان البابوات والملوك يستخدمون أولئك المرابين لتحصيل إيرادهم، والإشراف على دور الضرب والشئون المالية، والاستعانة بآرائهم في السياسة. وكانوا يشترون الصوف، والتوابل، والحلي، والحرير جملة، ويمتلكون السفن والنزل في أقصى أوربا وأدناها (٤٤). وقبل أن ينتصف القرن الثالث عشر كان هؤلاء "اللمبارد"، كما كان أهل الشمال يسمون جميع رجال المصارف الإيطاليين، أعظم رجال المال في المال قوة ونشاطاً. وكانوا قوماً مكروهين من أجل ثرائهم؛ لأن الناس في كل جيل يقترضون المال وينددون بمن يقرضونه. وكان قيام هذه الطائفة ضربة قاصمة وجهت إلى رجال المصارف الدوليين اليهود، ولم يتورع أفرادها عن أن يشيروا بنفي منافسيهم ذوي الصبر والجلد (٤٥). وكان أقوى "اللمبارد" جميعاً هم شركات المصارف الفلورنسية، وفي وسعنا أن نعد منها ثمانين شركة بين عامي ١٢٦٠ و ١٣٤٧. وكانت هذه الشركات تمول عملها الحملات السياسية والحربية التي يقوم بها البابوات وتجنى من وراء عملها هذا أرباحاً طائلة، وكانت من حيث هي المصارف التي تمد البابوات بالمال ستاراً نافعاً لتلك العمليات التي قلما كانت تتفق مع آراء الكنيسة عن الربا. وكانت تجنى من الأرباح ما لا يكاد يقل عن أرباح المصارف في هذه الأيام؛ مثال ذلك أن شركة بروزي وزعت على المساهمين فيها أرباحاً قدرها أربعون في المائة في عام ١٣٠٨ (٤٧).