للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجلدية الدقيقة. وكان في النجارة اتحادات خاصة بكل من عمال الصناديق، والأثاث، وبناء السفن، وصناع العجلات، والبراميل، وفاتلي الحبال. وكانت كل نقابة طائفية تحرص على أسرار حرفتها، وتحيط ميدان عملها بسياج يصد عنه من لا ينتمي إليه، وتشغل نفسها بكثير من المنازعات القضائية الخاصة بهذه الحرفة (٩٢).

وكانت نقابة الحرف الطائفية تتخذ لها شكلاً دينياً، وقديساً شفيعاً، وتنزع إلى الاحتكار؛ وكانت في هذا كله تساير روح العصر الذي تعيش فيه. ولم يكن في وسع أحد عادة أن يشتغل بحرفة إلا إذا كان عضواً في النقابة الخاصة بها (٩٣) وكان جميع المنتمين إلى الحرفة هم الذين يختارون زعماءها مرة في كل عام، ولكنهم كانوا كثيراً ما يختارون لأقدميتهم في النقابة أو لثروتهم. وكانت أنظمة النقابة- بالقدر الذي تسمح به نقابات التجار، وأوامر البلديات، والقوانين الاقتصادية- تعين الأحوال التي يعمل فيها أعضاؤها، والأجور التي يتقاضونها، والأثمان التي يحددونها. وكانت قواعد النقابات تحدد عدد الرؤساء في كل منطقة، وعدد الصبيان الذين يدربون عند كل رئيس، وتحرم استخدام نساء في الصناعات عدا زوجة الرئيس؛ كما كانت تحرم استخدام الرجال بعد الساعة السادسة مساء، وتعاقب الأعضاء لما يطلبونه من أثمان عالية، وما عساهم يقدمون عليه من معاملات غير شريفة أو يصنعونه من سلع يستخدمون فيها مواد بالية. وكانت النقابة في كثير من الأحيان تدمغ منتجاتها بطابعها أو علامتها التجارية ليكون هذا شهادة منها بجودة نوعها، وكان هذا العمل موضع فخر لها (٩٤)؛ وقد أخرجت نقابة النسيج في بروج من المدينة عضواً من أعضاء النقابة زور طابع مدينة بروج على بضاعة رديئة (٩٥). وكانت النقابة تعارض في قيام المناقشة بين الرؤساء في زيادة مقدار الإنتاج أو خفض ثمنه، خشية أن يتمكن أعظم الرؤساء مهارة أو أكثرهم جداً من أن يزيدوا ثروتهم على حساب غيرهم من الرؤساء،