للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكنها كانت تشجع المنافسة التي قوم بين الرؤساء أو بين المدن لتحسين نوع المنتجات. وكانت نقابات الحرف تقوم بما تقوم به نقابات التجار من بناء المستشفيات والمدارس، وتقوم بالتأمين المختلف الأنواع، وتقدم المعونة إلى الفقراء من أعضائها، والبائنات إلى بناتهم، وتدفن موتاهم، وتعني بأراملهم، وتتبرع بالعمال والمال لبناء الكنائس الصغير والكبيرة، وتصور العمليات التي تؤديها، وتنقش شاراتها على زجاج الكنائس.

ولم تمنع النزعة الأخوية بين رؤساء نقابات الحرف أن يكون فيها درجات متفاوتة في العضوية والسلطان، فكان في الدرجة السفلى منها صبي التمرين الذي يبلغ العاشرة أو الثانية عشرة من العمر، يرسله والداه ليعيش مع صانع متمرن مدة من الزمن تتراوح بين ثلاث سنين واثنتي عشرة سنة، ويقوم بخدمته في حانوته ومنزله. وكان يمنح في نظير هذه الخدمة الطعام، والكساء، والمأوى، وتعلم الحرفة، ويعطى في السين الأخيرة من الخدمة أجراً وأدوات؛ فإذا ما قضي مدة التمرين أعطى منحة من المال يبدأ بها عمله مستقلاً، فإذا هرب من معلمه أعيد إليه وعوقب على هربه، فإذا داوم على الهرب حرم عليه الاشتغال بالحرفة. وإذا أتم خدمته عين عاملاً بالمياومة، ينتقل من رئيس إلى رئيس ويعمل بأجر يومي. فإذا مر عليه وهو بهذه الحال عامان أو ثلاثة أعوام، وكان لديه من المال ما يستطيع به فتح حانوت مستقل امتحن لمعرفة كفايته الفنية أمام لجنة من أعضاء نقابته الطائفية، فإذا اجتاز الامتحان أصبح رئيساً. وكان يطلب إلى الرئيس أحياناً- ولم يكن هذا إلا في أواخر العصور الوسطى- أن يعرض على رؤساء النقابة عينة من صنعه يرضون عنها.

وكان الصائغ الذي تخرج على هذا النحو- أو الرئيس كما كانوا يسمونه- يمتلك أدواته، وكان في العادة ينتج سلع الاستهلاك التي يطلبها المستهلك مباشرة، وكان هذا المستهلك في بعض الأحيان يقدم له المادة الغفل، وكان يحق له أن يأتي