للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي وقت ليراقب سير العمل. ولم يكن الوسيط في هذا النظام هو الذي يسيطر على المسالك القائمة بين صانع السلعة والمنتفع بها. وكانت السوق التي ينتج لها الصانع هي التي تحدد ما ينتجه، وكانت هذه السوق عامة أو لأهواء المستثمرين أو المشترين البعيدين عنه؛ ولم يكن يعرف ما يطرأ على السوق من تقلبات اقتصادية جنونية بين رخاء تارة وكساد تارة أخرى. وكانت ساعات عمله كثيرة تختلف من ثمان إلى ثلاث عشرة ساعة- ولكنه كان يختارها بنفسه، ويعمل على مهل، ويستمتع بكثير من الأعياد الدينية، وكان يأكل الطعام المغذي المفيد، ويبتاع الأثاث المتين ويلبس الثياب البسيطة الطويلة الأجل، وكانت له حياة ثقافية لا تقل عن حياة الصانع في هذه الأيام إن لم يكن خيراً منها. نعم إنه لم يقرأ كثيراً، وكان لهذا ينجو من كثير من السخف الباطل المضل، ولكنه كان يشترك اشتراكاً فعلياً في المغاني، والمراقص، والتمثيليات، والشعائر الدينية التي تقام في بيئته.

وظلت النقابات الطائفية طوال القرن الثالث عشر يزداد عددها، ويعظم سلطانها، وكانت قيداً ديمقراطياً يحد من سلطان نقابات التجار الألجركية. غير أن نقابات الصناع الطائفية أصبحت على مر الزمن أرستقراطية عمال، تنزع إلى قصر رؤساء الصناع على أبناء الصناع أنفسهم، وخفض أجور عمال المياومة الذين ثاروا عليها في القرن الرابع عشر ثورات كثيرة أضعفت سلطانها، وتضع العقبات المطردة الزيادة في سبيل من يريدون الانضمام إليها، أو الدخول في البلدان التي تقوم فيها (٩٦). على أنها كانت منظمات ممتازة لعصر صناعي، كثيراً ما ضيقت صعاب النقل فيه الأسواق التي تصرف فيها السلع وجعلتها مقصورة على المشترين المحليين، ولم تكن رؤوس الأموال المتجمعة من الكثرة والسيولة بحيث تكفي