عائق. ولنضرب لذلك مثلاً مدائن رُوَن، وبوفيه، وأراس، وتراوي، وبروفن، وبواتيه، ومواساك Moissac فقد دمرتها كلها الحرائق في عام ١١٨٨، ودمرت رون النارست مرات بين عامي ١٢٠٠ و ١٢٢٥ (١١٤)، ولم يعتد الناس صنع السقف من القرميد إلا في القرن الرابع عشر، وكانت النار تكافح بالدلاء تستخدمها فرق باسلة عاجزة، وكان في المدينة خفراء مسلحون بخطاطيف طويلة يهدمون بها البيت المحترق إذا كان وجوده خطراً على غيره من البيوت. وإذ كان الأهلون جميعاً يرغبون في السكنى بجوار القصر الحصين ليأمنوا بذلك على أنفسهم وأموالهم، فقد كانت المباني ترتفع عدة أطباق تصل أحياناً إلى ستة، وكانت الأطباق العليا تبرز في الشارع بروزاً يكسيها روعة ويجعلها خطراً يهدد المارة. وكانت المدن تصدر قرارات تحدد بها ارتفاع المباني.
وكان في وسع الأهلين أن يستمتعوا بالحياة في مدينة العصور الوسطى على الرغم من هذه الصعاب التي قلما كان يحس بها الناس، لأنها كانت تعمهم كلهم تقريباً، فقد كانت الأسواق مزدحمة بالناس، وكان حديثهم كثيراً، وأثوابهم وبضائعهم زاهية جذابة، وكان البائعون الجائلون ينادون على سلعهم بأعلى أصواتهم، والصناع لا ينقطعون بتمثيل مسرحية دينية في أحذ الميادين، أو موكب ديني يسير أحياناً في أحد الشوارع يشترك فيه التجار المزهوون، والصناع الأقوياء، ورجال الدين بأثوابهم الوقورة، ورجال الدنيا بثيابهم الزاهية، وترتل فيها الأناشيد. أو تكون كنيسة فخمة تشاد في المدينة، أو تطل فتاة حسناء من شرفة منزل، أو تدق نواقيس برج المدينة تدعو المواطنين إلى الاجتماع أو إلى امتشاق الحسام. وفي المساء تدق الأجراس تهيب بالأهلين أن يعودوا سراعاً إلى بيوتهم،