والكنائس، والأديرة، والمستشفيات وملاجئ لكبار السن والفقراء، على الرغم من الحروب الكثيرة النفقات التي خاض غمارها ليعيد بها وحدة الإمبراطورية البيزنطية (٥). وازدهرت الآداب والفنون في عهده، وأصبحت نيقية في القرن الثالث عشر من أكثر مدن العالم ثروة وأعظمها جمالاً.
وكان ابنه ثيودور لسكاريس الثاني (١٢٥٤ - ١٢٥٨) شغوفاً بالعلم معتل الجسم، عالماً ومضطرب العقل؛ مات بعد حكم قصير، واغتصب العرش بعد موته ميخائيل بليولوجوس Michael Paleologus زعيم الأشراف المتذمرين (١٢٥٩ - ١٢٨٢). وإذا جاز لنا أن نصدق المؤرخين قلنا إن ميخائيل كان متصفاً بكل نقيصة- كان "أنانياً، منافقاً … كذوباً بغريزته، مغروراً، قاسياً، شرهاً"(٦). ولكنه كان واسع الحلية شديد الدهاء، دبلوماسياً، معقود لواء النصر، استطاع بمعركة واحدة أن يثبت قدمه في ابيروس، كما استطاع بحلفه مع جنوى أن يفوز بمعونتها على البنادقة والفرنجة في القسطنطينية؛ وأمر قائده استراتيجوبولس Strategopulus أن يتظاهر بالهجوم على العاصمة من ناحية الغرب. وزحف استراتيجولس على المدينة ولم يكن معه أكثر من ألف رجل، فلما وجد حاميتها خفيفة دخلها واستولى عليها دون عناء، وفر الملك بلدوين الثاني هو وحاشيته، وتبعه رجال الدين اللاتين الذين كانوا في المدينة وقد استولى عليهم رعب كانوا خليقين به. وعبر ميخائيل البسفور وهو لا يكاد يصدق النبأ وتوج إمبراطور (١٢٦١)، وهكذا بعثت الإمبراطورية البيزنطية من رقادها، وكان الناس يظنونها قد قضت نحبها، واستعادت الكنيسة اليونانية استقلالها، وظلت الدولة البيزنطية الفاسدة قائمة تصرف شئونها قرنين آخرين احتفظت فيهما بالآداب القديمة ونقلتها إلى العالم الغربي، وصدت رغم ضعفها جيوش المسلمين في تلك الفترة من الزمان.