تجرؤ في يوم من الأيام على أن تسلح الفلاحين أو العامة من سكان المدينة، فلما أن جاء المغول كان الأهلون ضعافاً عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم. فأخذ الفاتحون يقتلون أو يسترقونهم كما يحلو لهم.
وتقدم المغول إلى وسط أوربا يغلبون ويُغلبون، ثم عادوا أدراجهم مخترقين الروسيا يعيثون فيها فساداً، فأقاموا على أحد روافد الفلجا مدينة سراي Sarai واتخذوها عاصمة لعشائر مستقلة تعرف باسم الحشد الذهبي. وظل باتو وخلفاؤه يسيطرون على الجزء الأكبر من الروسيا مدة مائتي عام وأربعين عاماً من ذلك الوقت؛ وسمح للأمراء الروس بأن يحتفظوا بأرضهم على شرط أن يؤدوا عنها جزية سنوية لخان الحشد الذهبي، أو للخان الأعظم لقرقورم المغولية، وأن يقدموا من حين إلى حين بزيارة لهذا أو ذاك يقدمون لهما فروض الولاء، ويقطعون فيها مسافات طويلة. وكان المراء يجمعون هذا الخراج ويفرضونه على الأهلين بالمساواة القاسية، يدفع الغني منه بقدر ما يدفع الفقر، ومن عجز عن الدفع بِيْع بَيْع الرقيق. واستسلم الأمراء وخضعوا لسيادة المغول لأنها حمتهم من الثورات الاجتماعية، وانضموا إلى المغول في هجومهم على الشعوب الأخرى ومن بينها الإمارات الروسية نفسها. وتزوج كثيرون من الروس مغوليات، ولربما دخلت بعض ملامح الوجوه، والأخلاق المغولية، في السلالات الروسية (١٣). وأخذ بعض الروس عن المغول أساليبهم في التحدث والملبس. ولما أصبحت الروسيا تابعة لدولة أسيوية انفصلت إلى حد كبير عن الحضارة الأوربية، وتعاون استبداد الخان مع استبداد أباطرة بيزنطية على إيجاد "حاكم جميع الروس المطلق" في الدولة المسكوفية المتأخرة.
وعرف زعماء المغول أنهم لا يستطيعون إخضاع الروسيا بالقوة وحدها،