فأمر سكان إنجلترا بإطفاء نار المدافئ أو تغطيتها (١) قبل الساعة الثامنة مساء، ومعنى هذا أن يأوي الأهلون إلى فراشهم في فصل الشتاء في هذا الوقت (٢٧). واشتدت حاجته إلى المال للإنفاق منه على حكومته الآخذة في الاتساع، وعلى فتوحه المترامية الأطراف، ففرض ضرائب باهظة على جميع البيوع، والواردات، والصادرات، واستخدام القناطر، والطرق. وأعاد جميع الضرائب التي ألغاها من قبل إدوارد المعترف. ولما علم أن بعض الإنجليز أودعوا أموالهم في سراديب الأديرة ليخففوها عنه، أمر بتفتيش جميع الأديرة وبنقل كل ما هو مخبأ فيها إلى بيت ماله، ولم يكن بلاطه الملكي يتورع عن قبول الرشا، وتسجيلها بأمانة في السجل العام (٢٨). لقد كانت حكومته في صراحة تامة حكومة فاتحين يعتزمون أن يجعلوا مكاسب مغامرتهم تتناسب مع ما تعرضوا له من الأخطار.
وكان لرجال الدين النورمان نصيبهم من النصر، فقد جئ بلافرانك Lafranc القدير المرن من كائن Caen ونصب كبيراً لأساقفة كنتربري وكبيراً لوزراء الملك. فلما جاء وجد رجال الدين الأنجليسكسون مولعين بالصيد، ولعب النرد، والزواج (٢٩)، فاستبدل بهم قساوسة وأساقفة، ورؤساء أديرة من النورمان؛ ووضع دستوراً جديداً للأديرة هو المعروف بعادات كنتربري، ورفع مستوى رجال الدين الإنجليز من الناحيتين العقلية والخلقية. وأصدر وليم- بإيحاء منه في أغلب الظن- قراراً بفصل المحاكم الكنسية عن المحاكم المدنية، وأمر بأن ينظر في جميع المسائل الروحية بمقتضى قانون الكنيسة، وتعهد بأن تنفذ الدولة كل ما تحكم به المحاكم الكنسية من عقوبات. وأمر بأن تجبى العشور من الشعب لمعونة الكنيسة، ولكنه طلب ألا يذاع أو ينفذ قرار بابوي أو رسالة بابوية في إنجلترا بغير موافقته، وألا يدخل إنجلترا مبعوث من قبل البابا إلا بإذن ملكي. وفصلت من ذلك الحين جمعية الأساقفة الوطنية عن الويتان وكانت من قبل جزءاً منه، وأصبحت
(١) وتسمى هذه العملية باللغة الإنجليزية Curfew. المترجم